responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 415
[4]) أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عِنْدَمَا تَوَسَّلَ بِالعَبَّاسِ أَمَرَهُ بِالدُّعَاءِ، فَقَد رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ (أَنَّ عُمَرَ اسْتَسْقَى بِالمُصَلَّى؛ فَقَالَ لِلْعَبَّاسِ: قُمْ فَاسْتَسْقِ. فَقَامَ العَبَّاسُ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ إِنَّ عِنْدَكَ سَحَابًا، وَإِنَّ عِنْدَكَ مَاءً فَانْشُرِ السَّحَابَ, ثُمَّ أَنْزِلْ فِيْهِ المَاءَ، ثُمَّ أَنْزِلْهُ عَلَيْنَا) فَذَكَرَ الحَدِيْثَ. (1)
5) أَنَّ الحَدِيْثَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ جَاءَ مُصَرِّحًا بِلَفْظِ الاسْتِسْقَاءِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِوَضًا عَنِ التَّوَسُّلِ بِهِ، كَمَا هُوَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَالإسْمَاعِيْلِيِّ [2]، وَالاسْتِسْقَاءُ: هُوَ طَلَبُ السُّقْيَا كَمَا لَا يَخْفَى، فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى التَّوَسُّلِ هُنَا هُوَ الدُّعَاءُ. (3)
6) أَنَّ الفَارِقَ فِي قَوْلِ عُمَرَ بَينَ (كُنَّا) وَ (إِنَّا) - أَيْ الآنَ - إِنَّمَا هُوَ حَيَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ شَأْنُهُ: {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُوْنَ} (المُؤْمِنُوْن:100).
وَقَد أَشَارَ إِلَى هَذِهِ الحَقِيْقَةِ الصَّحَابيُّ الجَلِيْلُ ابْنُ مَسْعُوْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ (عَلَّمَنِي رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ - التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّوْرَةَ مِنَ القُرْآنِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ؛ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ - وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا -، فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا: السَّلَامُ - يَعْنِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -). رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [4] (5)

(1) مُصَنَّفُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (4913). وَالأَثَرُ نَقَلَهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (495/ 2) وَسَكَتَ عَنْهُ.
[2] قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (495/ 2): (وَأَمَّا حَدِيْثُ أَنَسٍ عَنْ عُمَرَ فَأَشَارَ بِهِ أَيْضًا - أَيْ: البُخَارِيُّ - إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ - وَهُوَ عِنْدَ الإِسْمَاعِيْلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ المُثَنَّى عَنِ الأَنْصَارِيِّ بِإِسْنَادِ البُخَارِيِّ إِلَى أَنَسٍ - قَالَ: كَانُوا إِذَا قَحَطُوا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْقَوْا بِهِ فَيَسْتَسْقِي لَهُمْ فَيُسْقَوْنَ، فَلَمَّا كَانَ فِي إِمَارَةِ عُمَرَ؛ فَذَكَرَ الحَدِيْثَ).
فَقَولُهُ: (فَيَسْتَسْقِي لَهُم) صَرِيْحٌ فِي أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطْلُبُ لَهُم السُّقْيَا مِنَ اللهِ تَعَالَى.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (النِّهَايَةُ فِي غَرِيْبِ الحَدِيْثِ وَالأَثَرِ) (962/ 2): (الاسْتِسْقَاءُ - وَهُوَ اسْتِفْعَالٌ - مِنْ طَلَبِ السُّقْيا: أَيْ: إنْزَالِ الغَيْثِ عَلَى البِلَادِ وَالعِبَادِ. يُقَالُ: سَقَى اللهُ عِبَادَهُ الغَيْثَ وَأَسْقَاهُم. وَالاسْمُ السُّقْيَا بِالضَّمِّ. واسْتَسْقَيْتَ فُلَانًا: إِذَا طَلَبتَ مِنْهُ أَنْ يَسْقِيَكَ).
(3) وَأَيضًا فَقَد تَتَابَعَ عَمَلُ السَّلَفِ عَلَى التَّوَسُّلِ بُدُعَاءِ الصَّالِحِيْنَ كَمَا فِي خَبَرِ مُعَاوِيَةَ وَالضَّحَّاكِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مَعَ يَزيدِ بْنِ الأَسْوَدِ الجُرَشِيِّ. وَقَد سَبَقَ.
[4] البُخَارِيُّ (6265).
(5) وَأَمَّا فِرْيَةُ مَنْ لَم تَشْعُرْ أَفْئِدَتُهُم بِتَقْوَى اللهِ فِي المُسْلِمِيْنَ؛ مِنْ أَنَّ سَبَبَ قَوْلِ مَانِعِي التَّوَسُّلِ بِالجَاهِ والذَّاتِ هُوَ ظَنُّهُم أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ أَثَرٌ ذَاتِيٌّ فِي النَّفْعِ وَالضُّرِّ قَبْلَ مَوْتِهِ؛ فَلَمَّا مَاتَ لَم يَعُدْ لَهُ أَثَرٌ فِي ذَلِكَ! أَوْ أَنَّهُ لمَ يَعُدْ لَهُ جَاهٌ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى! وَأَنَّهُم بِذَلِكَ يَعْتَقِدُوْنَ - أَي السَّلَفِيُّوْنَ المُنْكِرُوْنَ لِلتَّوَسُّلِ بِالذَّاتِ وَالجَاهِ - النَّفْعَ وَالضُّرَّ فِي ذَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!
فَهَذَا مَحْضُ افْتِرَاءٍ وَكَذِبٍ - عَلَيْهِم مِنَ اللهِ مَا يَسْتَحِقُّوْنَ - وَإِنَّمَا الفَارِقُ عِنْدَنَا حَقِيْقَةً هُوَ إِمْكَانِيَّةُ الدُّعَاءِ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَعُدْ ذَلِكَ مُمْكِنًا، بِخِلَافِ زَمَنِ حَيَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالفَيْصَلُ بَيْنَنَا وَبَينَهُم قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيكَ بِنَبِيِّنَا، فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا)، وَكُلُّ خَيْرٍ فِي اِتِّبَاعِ مَنْ سَلَفَ، فَنَحْنُ سَلَفِيُّوْنَ وَهُمْ خَلَفِيُّوْنَ، وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: (أُولَئِكَ آبَائِي؛ فَجِئْني بمِثْلِهِمْ ... إِذَا جَمَعَتْنَا يَا جَرِيْرُ المَجَامِعُ).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 415
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست