responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 416
7) أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالُ: إِنَّ مُرَادَ عُمَرَ هُوَ بَيَانُ جَوَازِ التَّوَسُّلِ بِالمَفْضُوْلِ مَعَ وُجُوْدِ الفَاضِلِ، وَذَلِكَ لِأُمُوْرٍ؛ مِنْهَا:
أ) أَنَّ هَذِهِ دَعْوَى لَا دَلِيْلَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا يَكْفِيْنَا القَوْلُ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَتَوَسَّلُوا - بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ مَعْنَى التَّوَسُّلِ - بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ.
ب) أَنَّ أَحْرَجَ الأَوْقَاتِ - مِنَ القَحْطِ وَالجَدْبِ وَالجُوْعِ - لَا يُقْبَلُ فِيْهِ تَرْكُ الفَاضِلِ وَاللُّجُوْءُ إِلَى المَفْضُولِ! لَا سِّيَمَا وَأَنَّ ذَلِكَ يُمْكِنُ بَيَانُهُ بِالقَوْلِ، أَوْ أَنْ يَتَوَسَّلَ بِهِمَا جَمِيْعًا. [1] (2)
ج) أَنَّ التَّوَسُّلَ جَاءَ إِيْضَاحُ مَعْنَاهُ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَأعرَابِيِّ، وَأَيضًا بِدُعَاءِ العَبَّاسِ، سَوَاءً كَانَ المَقْصُوْدُ تَعْلِيْمَ الجَوَازِ أَمْ غَيْرَهُ، فَنَقُوْلُ إِذًا لِيَتَوَسَّلُوا بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَوَسَّلَ بِهِ أَصْحَابُهُ - وَأَنَّى لَهُم ذَلِكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُوْنَ} (الزُّمَر:30).
د) تَكْرَارُ التَّوَسُّلِ بِالعَبَّاسِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وجُوْدِ تِلْكَ الدَّعْوَى أَصْلًا؛ لِقَوْلِهِ (إِنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ كَانَ إِذَا قَحَطُوا؛ اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ). [3] (4)

[1] وَأَيضًا إِنَّ هُنَاكَ مِنَ المَفْضُوْلِ مَنْ هُوَ أَدْنَى مِنَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْلَى مِنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَحْصُلِ التَّوَسُّلُ بِهِم؛ أَلَا وَهُوَ سَائِرُ الأَنْبِيَاءِ وَالمَلَائِكَةُ الكِرَامُ المُقَرَّبُوْنَ - وَهُمْ أَحْيَاءٌ أَيْضًا -، وَلَكِنَّ الفَرْقَ كَمَا لَا يَخْفَى هُوَ أَنَّهُم أَمْوُاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ - بِالنِّسْبَةِ لِسَائِرِ الأَنْبِيَاءِ - أَوْ غَيْرُ حَاضِرِيْنَ لِلدُّعَاءِ - بِالنِّسْبَةِ لِسَائِرِ المَلَائِكَةِ وَعَيْسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَالحَمْدُ للهِ عَلَى تَوْفِيْقِهِ.
(2) وَإِنَّ الانْصِرَافَ عَنِ التَّوَسُّلِ بِجَاهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَو جَازَ - إِلَى التَّوَسُّلِ بِجَاهِ غِيْرِهِ؛ مَا هُوَ إَلَّا كَالانْصِرَافِ عَنِ الإِقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ إِلَى الإقْتِدَاءِ بِغَيْرِهِ - سَوَاءً بِسَوَاءٍ - إِذْ لَا مُقَارَبَةَ أَبَدًا بَيْنَهُ وَبَينَ غَيْرِهِ.
وَلَو أَنَّ إِنْسَانًا أُصِيْبَ بِمَكْرُوْهٍ فَادِحٍ؛ وَكَانَ أَمَامَهُ نَبِيٌّ، وَآخَرُ غَيْرُ نَبِيٍّ، وَأَرَادَ أَنْ يَطْلُبَ الدُّعَاءَ مِنْ أَحَدِهِمَا لَمَا طَلَبَهُ إِلَّا مِنَ النَّبيِّ، وَلَو طَلَبَهُ مِنْ غَيرِ النَّبِيِّ وَتَرَكَ النَّبِيَّ لَعُدَّ مِنَ الآثِمِيْنَ الجَاهِلِيْنَ الَّذِيْنَ يَسْتَبْدِلُوْنَ الَّذِيْ هُوَ أَدْنَى بِالَّذِيْ هُوَ خَيْرٌ.
[3] مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؛ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي الاسْتِيْعَابِ (2/ 814).
(4) وَأَمَّا رِوَايَةُ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرَى لِلعَبَّاسِ مَا يَرَى الوَلَدُ لِلْوَالِدِ؛ فَاقْتَدُوا بِرَسُوْلِ اللهِ وَاتَّخِذُوْهُ (أَي العَبَّاسَ) وَسِيْلَةً إِلَى اللهِ)! فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ ضَعِيْفَةٌ فِيْهَا دَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ المَدَنِيُّ، وَهُوَ ضَعِيْفٌ كَمَا فِي التَّقْرِيْبِ (ص199) لِلحَافِظِ، وَقَد تَعَقَّبَ الذَّهَبِيُّ الحَاكِمَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَائِلًا (دَاوُدُ: مَتْرُوْكٌ).
وَقَد ذَكَرَ لَهَا الشَّيْخُ الأَلبَانيُّ رَحِمَهُ اللهُ ثَلَاثَ عِلَلٍ:
[1] - دَاودُ بْنُ عَطَاءٍ؛ ضَعِيْفٌ.
2 - سَاعِدَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ المُزَنِيُّ؛ لَمْ تُوْجَدْ لَهُ تَرْجَمَةٌ.
[3] - الاضْطِرَابُ فِي السَّنَدِ؛ فَتَارَةً عَنْ زَيْدٍ عَنْ أَبِيْهِ مِنْ طَرِيْقِ هِشَام بْنِ سَعْدٍ، وَتَارةً عَنْهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَهِشَامُ أَقْوَى مِنْ دَاوُدَ.
وَلَكِنْ أَيْضًا هَذِهِ الرِّوَايَةُ يَكُوْنُ فِيْهَا التَّوَسُّلُ مَحْمُوْلٌ عَلَى الدُّعَاءِ؛ لِوُجُوْدِ النُّصُوْصِ الصَّحِيْحَةِ الصَّرِيْحَةِ فِي ذَلِكَ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 416
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست