responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 413
- وَأَمَّا مَا عَدَا هَذِهِ الأَنْوَاعِ مِنَ التَّوَسُّلَاتِ فَفِيْهَا خِلَافٌ، وَالَّذِيْ نَعْتَقِدُهُ وَنَدِيْنُ اللهَ تَعَالَى بِهِ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَلَا مَشْرَوْعٌ، لِأَنَّه لَمْ يَرِدْ فِيْهَا دَلِيْلٌ تَقُوْمُ بِهِ الحُجَّةُ، وَقَد أَنْكَرَهُ العُلَمَاءُ المُحَقِّقُوْنَ فِي العُصُوْرِ الإِسْلَامِيَّةِ المُتَعَاقِبَةِ، مَعَ أَنَّهُ قَد قَالَ بِبَعْضِهِ بَعْضُ الأَئِمَّةِ، فَأَجَازَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ التَّوَسُّلَ بِالرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ فَقَط، وَأَجَازَ غَيْرُهُ كَالإِمَامِ الشَّوْكَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ التَّوَسُّلَ بِهِ وَبِغَيْرِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِيْنَ.
وَلَكِنَّنا - كَشَأْنِنَا فِي جَمِيْعِ الأُمُوْرِ الخِلَافِيَّةِ - نَدُوْرُ مَعَ الدَّلِيْلِ حَيْثُ دَارَ وَلَا نَتَعَصَّبُ لِلرِّجَالِ، وَلَا نَنْحَازُ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلحَقِّ - كَمَا نَرَاهُ وَنَعْتَقِدُهُ -، وَقَد رَأَينَا فِي قَضِيَّةِ التَّوَسُّلِ الَّتِيْ نَحْنُ بِصَدَدِهَا الحَقَّ مَعَ الَّذِيْنَ حَظَرُوا التَّوَسُّلَ بِمَخْلُوْقٍ، وَلَم نَرَ لِمُجِيْزِيْهِ دَلِيْلًا صَحِيْحًا يُعْتَدُّ بِهِ، وَنَحْنُ نُطَالِبُهُم بِأَنْ يَأْتُوْنَا بِنَصٍّ صَحِيْحٍ صَرِيْحٍ مِنَ الكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ فِيْهِ التَّوَسُّلُ بِمَخْلُوْقٍ، وَهَيهَاتَ أَنْ يَجِدُوا شَيْئًا يُؤَيِّدُ مَا يَذْهَبُوْنَ إِلَيْهِ، أَوْ يَسْنُدُ مَا يَدَّعُوْنَهُ، اللَّهُمَّ إِلَّا شُبَهًا وَاحْتِمَالَاتٍ؛ سَنَعْرُضُ لِلرَّدِّ عَلَيهَا بَعْدَ قَلِيْلٍ. (1)
- ومِنَ الغَرِيْبِ حَقًّا أَنَّكَ تَرَى هَؤُلَاءِ يُعْرِضُوْنَ عَنْ أَنْوَاعِ التَّوَسُّلِ المَشْرُوْعَةِ السَّابِقَةِ، فَلَا يَكَادُوْنَ يَسْتَعْمِلُوْنَ شَيْئًا مِنْهَا فِي دُعَائِهِم أَوْ تَعْلِيْمِهِم النَّاسَ مَعَ ثُبُوْتِهَا فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الأُمَّةِ عَلَيهَا، وَتَرَاهُم بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ يَعْمَدُوْنَ إِلَى أَدْعِيَةٍ اخْتَرَعُوْهَا وَتَوَسُّلَاتٍ ابْتَدَعُوْهَا لَمْ يَشْرَعْهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَم يَسْتَعْمِلْهَا رَسُوْلُهُ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَم تُنْقَلْ عَنْ سَلَفِ هَذِهِ الأُمَّةِ مِنْ أَصْحَابِ القُرُوْنِ الثَّلَاثَةِ الفَاضِلَةِ، وَأَقَلُّ مَا يُقَالُ فِيْهَا: (إِنَّهَا مُخْتَلَفٌ فِيْهَا)، فَمَا أَجْدَرَهُم بِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {أَتَسْتَبْدِلُوْنَ الَّذِيْ هُوَ أَدْنَى بِالَّذِيْ هُوَ خَيْرٌ} (البَقَرَة:61).

(1) هَذَا وَلَم نَنْفَرِدْ نَحْنُ بِإِنْكَارِ تِلْكَ التَّوَسُّلَاتِ المُبْتَدَعَةِ، بَلْ سَبَقَنَا إِلَى إِنْكَارِهَا كِبَارُ الأَئِمَّةِ وَالعُلَمَاءِ، وَتَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ المَذَاهِبِ المُتَّبَعَةِ، كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ، فَقَد جَاءَ فِي كِتَابِ (الدُّرُّ المُخْتَارُ مَعَ حَاشِيَةِ رَدِّ المُحْتَارِ) (396/ 6) - مِنْ كُتُبِ الحَنَفِيَّةِ -: (وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة - مَعْزِيًّا لِلْمُنْتَقَى - عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: (لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَدْعُوَ اللهَ إِلَّا بِهِ، وَالدُّعَاءُ المَأْذُوْنُ فِيْهِ؛ المَأْمُورُ بِهِ؛ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوْهُ بِهَا} (الأَعْرَاف:180))).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 413
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست