responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 333
- إَنَّ تَأْوِيْلَ المُعطِّلَةِ لِصَفَةِ الرَّحْمَةِ أَخْطَرُ مِنْ جَحْدِ المُشْرِكِيْنَ لِاسْمِ الرَّحْمَنِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ المُشْرِكِيْنَ أَنْكَرُوا الاسْمَ فَقَطْ وَلَمْ يُنْكِروا المَعْنَى؛ بِخِلَافِ المُعَطِّلَةِ فَهُم أَنْكَرُوا حَقِيْقَةَ المَعْنَى - وَإِنْ أَثْبَتُوا الاسْمَ - وَلَا يَخْفَى أَنَّ المَقْصُوْدَ مِنَ الاسْمِ مَعْنَاهُ وَلَيْسَ مُجَرَّدَ لَفْظِهِ، فَأَسْمَاءُ اللهِ تَعَالَى أَعْلَامٌ وَأَوْصَافٌ. (1)
- الجَحْدُ: هُوَ الإِنْكَارُ، وَالإِنْكَارُ نَوْعَانِ:
1) إِنْكَارُ تَكْذِيْبٍ: وَهَذَا كُفْرٌ مُخْرِجٌ عَنِ المِلَّةِ، فَلَو أَنَّ أَحَدًا أَنْكَرَ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ أَوْ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ الثَّابِتَةِ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ مِثْلَ أَنْ يَقُوْلَ: لَيْسَ للهِ يَدٌ، أَوْ أَنَّ اللهَ لَمْ يَسْتَوِ عَلَى عَرْشِهِ، أَوْ لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ، فَهُوَ كَافِرٌ بِإِجْمَاعِ المُسْلِمِيْنَ.
2) إِنْكَارُ تَأْوِيْلٍ: وَهُوَ أَنْ لَا يُنْكِرَهَا وَلَكِنْ يَتَأَوَّلُهَا إِلَى مَعْنَىً يُخَالِفُ ظَاهِرَهَا، فَهَذَا نَوْعَانِ:
أ) أَنْ يَكُوْنَ لِلتَّأْوِيْلِ مُسَوِّغٌ فِي اللُّغَةِ العَرَبيَّةِ، فَهَذَا لَا يُوْجِبُ الكُفْرَ - وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا فِي ذَلِكَ -.
ب) أَنْ لَا يَكُوْنَ لهُ مُسَوِّغٍ فِي اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، فَهَذَا حُكْمُهُ الكُفْرُ، لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُسَوِّغٌ صَارَ فِي الحَقِيْقَةِ تَكْذِيْبًا؛ مِثْلَ أَنْ يَقُوْلَ: المُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} (القَمَر:14) أَيْ: تَجْرِي بِأَرَاضِيْنَا! فَهَذَا كَافِرٌ لِأَنَّه نَفَاهَا نَفْيًا مُطْلَقًا، فَهُوَ مُكَذَّبٌ.
وَلَوْ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوْطَتَانِ} (المَائِدَة:64) المُرَادُ بِيَدَيْهِ: السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ! فَهُوَ كُفْرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّه لَا مُسَوِّغَ لَهُ فِي اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، لَكِنْ إِنْ قَالَ: المُرَادُ بِاليَدِ النِّعْمَةُ أَوِ القُوَّةُ، فَلَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّ اللُّغَةَ تَحْتَمِلُهَا. (2)
- قَوْلُهُ تَعَالَى {وَإِلَيْهِ مَتَابِ}: أَيْ: وَإِلَيْهِ مَرْجِعِي وَأَوْبَتِي. (3)
وَالتَّوْبَةُ الَّتِيْ لَا تَكُوْنُ إِلَّا للهِ هِيَ تَوْبَةُ العِبَادَةِ - كَمَا فِي هَذِهِ الآيَةِ - وَأَمَّا التَّوْبَةُ - الَّتِيْ هِيَ بِمَعْنَى الرُّجُوْعِ - فَإِنَّهَا تَكُوْنُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا حِيْنَ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ فَوَجَدَ نُمْرُقَةً (وِسَادَةً) فِيْهَا صُوَرٌ، فَوَقَفَ بِالبَابِ وَلَمْ يَدْخُلْ، فَقَالَتْ: (أَتُوْبُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ). [4] (5)

(1) بِتَصَرُّفٍ مِنْ شَرِحِ الشَّيْخِ الغُنَيْمَانِ عَلَى كِتَابِ التَّوْحِيْدِ مَنْ صَحِيْحِ البُخَارِيِّ (89/ 1).
(2) قَالَ الشَّيْخُ الغُنَيْمَانُ حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى: (أَمَّا إِذَا وَقَعَ إِنْسَانٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَأَنْكَرَ مَثَلًا أَنْ يَكُوْنَ اللهُ مَوْصُوْفًا بِالرَّحْمَةِ أَوْ مَوْصُوْفًا بِالعُلُوِّ أَوْ مَوْصُوْفًا بِأَنَّهُ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَقَدْ يَكُوْنُ عِنْدَهُ شُبَهٌ، فَيَجِبُ أَنْ تُزَالَ الشُّبَهُ عَنْهُ، فَإِذَا أُزِيْلَتْ الشُّبَهُ عَنْهُ وَأَصَرَّ عَلَى الإِنْكَارِ فَلَهُ حُكْمٌ آخَر، غَيْرَ أَنَّنَا نَقُوْلُ: إنَّ فِعْلَكَ أَوْ قَوْلَكَ هَذَا كُفْرٌ، فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ الحَقُّ وأَقَرَّ بِهِ يَكُوْنُ كَافِرًا، نَسأَلُ اللهَ العَافِيَةَ). مُسْتَفَادٌ مِنْ شَرْحِ الشَّيْخِ الغُنَيْمَانِ حَفِظَهُ اللهُ عَلَى كِتَابِ (فَتْحُ المَجِيْدِ)، شَرِيْطُ رَقَم (103)، شَرْحُ البَابِ.
(3) تَفْسِيْرُ الطَّبَرِيِّ (445/ 16).
[4] وَالحَدِيْثُ بِتَمَامِهِ فِي البُخَارِيِّ (5957) عَنْ عَائِشَةَ؛ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُا (أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيْهَا تَصَاوِيْرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَامَ عَلَى البَابِ فَلَمْ يَدْخُلْهُ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ أَتُوْبُ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُوْلِهِ؛ مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟) قُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ أَصْحَابِ هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ القِيَامَةِ يُعَذَّبُوْنَ فَيُقَالُ: لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ). وَقَالَ: (إِنَّ البيْتَ الَّذِيْ فِيْهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ المَلَائِكَةُ)).
(5) أَيْ: أَرْجِعُ إِلَى مَا يُرِيْدُ اللهُ وَرَسُوْلُهُ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا حِيْنَ يَضْرِبُ الوَالِدُ ابْنَهُ لِسُوْءِ أَدَبِهِ؛ فَيَقُوْلُ الابْنُ: أَتُوْبُ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 333
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست