responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 332
- الظَّاهِرُ مِنْ إِيْرَادِ المُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللهُ لِلآيَةِ الكَرِيْمَةِ هُوَ بَيَانُ أَنَّ عَدَمَ الإِقْرَارِ بِأَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ هُوَ كُفْرٌ بِاللهِ تَعَالَى، ثُمَّ أَوْرَدَ بَعْدَهَا أَثَرَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِبَيَانِ أَنَّ الوَاجِبَ عَلَى الدَّاعِي أَنْ لَا يُحَدِّثَ النَّاسَ بِمَا لَا تُدْرِكُهُ عُقُوْلُهُم؛ لِأَنَّ بَعْضَ ذَلِكَ الكُفْرِ سَبَبُهُ تَحْدِيْثُ السَّامِعِ بِمَا لَا يَعْقِلُ، ثُمَّ أَوْرَدَ بَعْدَهَا أَثَرَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِبَيَانِ أَنَّ الوَاجِبَ عَلَى المُسْتَمِعِ أَنْ يُسَلِّمَ لِلكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَا يَرُدَّ الأَسْمَاءَ وَالصِّفَاتِ لِجَهْلِهِ بِحَقِيْقَتِهَا.
- قَوْلُهُ تَعَالَى {وَهُمْ يَكْفُرُوْنَ بِالرَّحْمَن}: المُرَادُ أَنَّهُم يَكْفُرُوْنَ بِهَذَا الاسْمِ لَا بالمُسَمَّى، فَهُم يُقرِّوْنَ بِهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُوْلُنَّ اللهُ قُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُوْنَ} (لُقْمَان:25).
- (الرَّحْمَنُ): اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى، وَهُوَ ثَابِتٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَقَدْ جَحَدَهُ المُشْرِكُوْنَ وَلَمْ يُقِرُّوا بِهِ [1]، وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى جُحُوْدَهُم هَذَا فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ العَزِيْزِ، قَالَ تَعَالَى:
{وَإِذَا قِيْلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوْرًا} (الفُرْقَان:60).
{قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى} (الإِسْرَاء:110). (2)
{قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُوْنَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِيْنٍ} (المُلْك:29).
{وَإِذَا رَآكَ الَّذِيْنَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُوْنَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِيْ يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُوْنَ} (الأَنْبِيَاء:36). [3] (4)
- قَالَ البَغَويُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ [5]: (قَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ: الآيَةُ مَدَنِيَّةٌ نَزَلَتْ فِي صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو لَمَّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَكْتُبُوا كِتَابَ الصُّلْحِ - فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: اكْتُبْ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ)، قَالُوا: لَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إِلَّا صَاحِبَ اليَمَامَةِ - يَعْنُونَ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابَ - اكْتُبْ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ: (بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ)، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَهُمْ يَكْفُرُوْنَ بِالرَّحْمَنِ}).

[1] وَجَحْدُهُم هَذَا مُتَضَمِّنٌ لِتَكْذِيْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ فِيْمَا أَخْبَرَ بِهِ.
(2) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (128/ 5): (يَقُوْلُ تَعَالَى: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ المُشْرِكِيْنَ المُنْكِرِيْنَ صِفَةَ الرَّحْمَةِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ المَانِعِيْنَ مِنْ تَسْمِيَتِهِ بِالرَّحْمَنِ: {ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الحُسْنَى} أَيْ: لَا فَرْقَ بَيْنَ دُعَائِكُمْ لَهُ بِاسْمِ (اللَّهِ) أَوْ بِاسْمِ (الرَّحْمَنِ)، فَإِنَّهُ ذُو الأَسْمَاءِ الحُسْنَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {هُوَ اللهُ الَّذِيْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيْمُ} إِلَى أَنْ قَالَ: {لَهُ الأسْمَاءُ الحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ العَزِيْزُ الحَكِيْمُ} (الحَشْرِ:24).
وَقَدْ رَوَى مَكْحُوْلٌ أَنَّ رَجُلًا مِنَ المُشْرِكِيْنَ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُوْلُ فِي سُجُوْدِهِ: (يَا رَحْمَنُ يَا رَحِيْمُ)، فَقَالَ: إِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَدْعُو وَاحِدًا؛ وَهُوَ يَدْعُو اثْنَيْنِ! فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ. وَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَوَاهُمَا ابْنُ جَرِيرٍ).
قُلْتُ: وَأَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ عَنْهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (360/ 13): (رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوِيْه بِسَنَدٍ ضَعِيْفٍ).
[3] قَالَ البَغَويُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (318/ 5): (وَذَلِكَ أَنَّهُم كَانُوا يَقُوْلُوْنَ: لَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إِلَّا مُسَيْلِمَةَ).
(4) وَقَدْ أَوَّلَ هَذِهِ الصِّفَةَ الأَشَاعِرَةُ وَلَمْ يُثْبِتُوا حَقِيْقَتَهَا للهِ فَجَعَلُوْهَا دَالَّةً عَلَى الضَّعْفِ وَاللِّيْنِ، وَسَيَأْتِي الكَلَامُ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ.
[5] (318/ 4).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 332
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست