responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 318
بَابُ مَنْ أَطَاعَ العُلَمَاءَ وَالأُمَرَاءَ فِي تَحْرِيْمِ مَا أَحَلَّ اللهُ أَوْ تَحْلِيْلِ مَا حَرَّمَ اللهُ؛ فَقَدْ اتَّخَذَهُمْ أَرْبَابًا مَنْ دُوْنِ اللهِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (يُوْشِكُ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْكُمْ حِجَارَةٌ مِنَ السَّمَاءِ؛ أَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ! وَتَقُوْلُوْنَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ?!). (1)
وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: عَجِبْتُ لِقَوْمٍ عَرَفُوا الإِسْنَادَ وَصِحَّتَهُ؛ وَيَذْهَبُوْنَ إِلَى رَأْيِ سُفْيَانَ!! وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُوْلُ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِيْنَ يُخَالِفُوْنَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيْبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيْبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيْمٌ} (النُّوْر:63) أَتَدْرِي مَا الفِتْنَةُ? الفِتْنَةُ الشِّرْكُ، لَعَلَّهُ إِذَا رَدَّ بَعْضَ قَوْلِهِ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنَ الزَّيْغِ فَيَهْلَكَ. (2)
وَعَنْ عَدِيٍّ بْنِ حَاتِمٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُوْنِ اللهِ وَالمَسِيْحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُوْنَ} (التَّوْبَة:31)، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ! قَالَ: (أَلَيْسَ يُحَرِّمُوْنَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونَهُ، وَيُحِلُّوْنَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَتُحِلُّوْنَهُ?)، فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: (فَتِلْكَ عِبَادَتُهُم). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. (3)

فِيْهِ مَسَائِلُ:
الأُوْلَى: تَفْسِيْرُ آيَةِ اَلنُّوْر.
الثَّانِيَةُ: تَفْسِيْرُ آيَةِ بَرَاءَةَ.
الثَّالِثَةُ: التَّنْبِيْهُ عَلَى مَعْنَى العِبَادَةِ الَّتِيْ أَنْكَرَهَا عَدِيٌّ.
الرَّابِعَةُ: تَمْثِيْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَتَمْثِيْلُ أَحْمَدَ بِسُفْيَانَ.
الخَامِسَةُ: تَغَيُّرُ الأَحْوَالِ إِلَى هَذِهِ الغَايَةِ، حَتَّى صَارَ عِنْدَ الأَكْثَرِ عُبَادَةُ الرُّهْبَانِ هِيَ أَفْضَلُ الأَعْمَالِ - وَتُسَمَّى الوَلَايَةُ -، وَعِبَادَةُ الأَحْبَارِ هِيَ العِلْمُ وَالفِقْهُ، ثُمَّ تَغَيَّرَتِ الأَحْوَالُ إِلَى أَنَّ عُبِدَ مِنْ دُوْنِ اللهِ مَنْ لَيْسَ مِنَ الصَّالِحِيْنَ، وَعُبِدَ بِالمَعْنَى الثَّانِيَ مَنْ هُوَ مِنَ الجَاهِلِيْنَ.

(1) صَحِيْحٌ. أَحْمَدُ (3121)، وَلَفْظُهُ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: تَمَتَّعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَنِ المُتْعَةِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا يَقُوْلُ عُرَيَّةُ؟ قَالَ: يَقُوْلُ نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَنِ المُتْعَةِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُرَاهُمْ سَيَهْلِكُوْنَ؛ أَقُوْلُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَيَقُوْلُ: نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ). قَالَ الشَّيْخُ صَالِحُ آلِ الشَّيْخِ حَفِظَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (التَّمْهِيْدُ) (ص417): (بِإِسْنَادٍ صَحَيْحٍ).
وَأَوْرَدَهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ العَسْقَلَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (المَطَالِبُ العَالِيَةُ) (96/ 7) وَقَالَ: ((قَالَ إِسْحَاقُ: نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوْبَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: (وَيْحَكَ أَضَلَلْتَ! تَأْمُرُنَا بِالعُمْرَةِ فِي العَشْرِ وَلَيْسَ فِيْهِنَّ عُمْرَةٌ!) فَقَالَ: (يَا عُرَيُّ فَسَلْ أُمَّكَ). قَالَ: (إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمْ يَقُوْلَا ذَلِكَ؛ وَكَانَا أَعْلَمَ بِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَتْبَعَ لَهُ مِنْكَ). فَقَالَ: (مِنْ هَهُنَا تَرِدُوْنَ؛ نَجِيْئُكُمْ بِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَجِيْئُوْنَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ). سَنَدُهُ صَحِيْحٌ، وَبَعْضُهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالعُمْرَةِ فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ).
قُلْتُ: وَإِسْحَاقُ هُوَ ابْنُ رَاهَوِيْه فِي مُسْنَدِهِ.
(2) ذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي الفُرُوْعِ (107/ 11)، وَأَيْضًا شَيْخُ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ فِي مَجْمُوْعِ الفَتَاوَى (104/ 19).
وَرَوَاهُ بِإِسْنَادِهِ ابْنُ بَطَّةَ العُكْبَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (الإبانَةُ الكُبْرَى) (260/ 1) عَنِ الفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: (سَمَعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ؛ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: نَظَرْتُ فِي المُصْحَفِ فَوَجَدْتُ فِيْهِ طَاعَةَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِيْنَ مَوْضِعًا، ثُمَّ جَعَلَ يَتْلوْ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِيْنَ يُخَالِفُوْنَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيْبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيْبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيْمٌ} (النُّوْر:63)، وَجَعَلَ يُكَرِّرُهَا، وَيَقُوْلُ: ومَا الفِتْنَةُ؟ الشِّرْكُ. لَعَلَّهُ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنَ الزَّيْغِ فَيَزِيْغَ فيُهْلِكَهُ. وَجَعَلَ يَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُوْنَ حَتَّى يُحَكِّمُوْكَ فِيْمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا} (النِّسَاء:65)).
قُلْتُ: وَأَمَّا سُفْيَانُ هُنَا فَهُوَ الثَّوْرِيُّ؛ كَمَا ذَكَرُوا فِي شُرُوْحِ كِتَابِ التَّوْحِيْدِ.
(3) صَحِيْحٌ. الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيْرِ (92/ 17) وَالتِّرْمِذِيُّ (3095) وَحَسَّنَهُ. الصَّحِيْحَةُ (3293).
وَلَفْظُهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ قَالَ: (أَتَيْتُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفي عُنُقِي صَلِيْبٌ مِنْ ذَهَبٍ -، فَقَالَ: (يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الوَثَنَ)، وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُوْرَةِ بَرَاءَةَ {اتَّخَذْوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُوْنِ اللهِ}، قَالَ: (أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُوْنُوا يَعْبُدُوْنَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوْهُ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوْهُ)).
وَلَمْ أَجِدْهُ فِي أَحْمَدَ - إِلَّا أَنْ يَكُوْنَ قَصْدُهُ أَصْلَ الحَدِيْثِ -، وَلَمْ يَعْزُهُ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ إِلَيْهِ فِي تَخْرِيْجِهِ أَيْضًا.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 318
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست