الفَصلُ الْأَوّلُ
عَبَثُهُم بِعَلَامَةِ خُرُوجِ المَهدِيِّ
وهذه من أكثر الظواهر تكْرَارًا كما بيَّنتُه مفصلًا في كتاب "المهدي"، حتى اشتكى ابن خلدون -رحمه الله تعالى- من كثرة مُدَّعي المهدية، وتوقعاتِ الذين يَرْجُمُونَ بالغيب فقال: "إلى كلام من أمثال هذا، يُعَيِّنون فيه الوقتَ، والرجلَ، والمكانَ، بأدلة واهية، وتحكمات مختلفة، فينقضي الزمانُ، ولا أثرَ لشيء من ذلك، فيرجعون إلى تجديد رأي آخرَ مُنْتَحَلٍ كما تراه من مفهومات لغوية، وأشياء تخيلية، وأحكام نجومية، في هذا انقضت أعمار الأول منهم والآخِر" [1]. اهـ.
ومن ذلك قول "محمد عيسى داود" [2]: إن المهدي "إسرائيلي الجسم"، ويشرحها بأن المقصود أنه ليس من البدو، ثم يضيف: "فهي لمسة لطيفة تعني: لا تلتفتوا لمن يدعي المهدية لنفسه، خاصة من البلاد التي ترتدي الجلباب والعقال" [3]!!
بل تراه يحدد -بدقة- زي المهدي، فيقول:
"المهدي يلبس الزيَّ الرومي؛ يعني لبسه الأساسي هو الزي المدني الحالي بجميع أشكاله الحضارية المدنية الحالية، فهو ليس غريبًا في
(1) "تارلخ ابن خلدون" (1/ 582). [2] رائد العابثين بأشراط الساعة الملقب -لكثرة أسفاره- ب "السندباد المصري".
(3) "المفاجأة" ص (88، 89).