اسم الکتاب : كتاب التوحيد المسمى التخلي عن التقليد والتحلي بالأصل المفيد المؤلف : العرباوي، عمر الجزء : 1 صفحة : 121
ملك الحبشية وإلى كسرى ملك الفرس، وإلى المقوقس رئيس القبط في مصر، يدعوهم جميعا إلى الإيمان بالله، والاستجابة لله ولرسوله، فالملوك والسوقة، والأحرار والعبيد، والرجال والنساء كلهم مدعوون إلى الإيمان بالله، والاستجابة لداعي السماء. ثم إنه لم تمر سنوات على الدعوة الإسلامية حتى دخل في دين الإسلام كثير من الأمم والشعوب من جميع الأجناس ومن مختلف الأمم، وكان مكانهم في الإسلام بمنزلة واحدة لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (سورة الحجرات).
الرحمة التي جاء بها محمد - صلى الله عليه وسلم -، فالقرآن الكريم تكلم عليها في غير ما موضع فقال مخاطبا النبي الكريم {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}.
وقال سبحانه {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} فالرسول مبعوث لرحمة الناس جميعا، وليس لشيء في باب الرحمة بالناس أفضل من استنقادهم من الضلال وتزكية نفوسهم وتطهيرها من الرجس، أن ذلك يعادل الحياة بعد الموت، والبصر بعد العمى، والسمع بعد الصمم {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}؟ ورسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - تحمل للناس جميعا الهدى في رفق، وفي لين، فليس فيها البريق الذي يخطف الأبصار ثم يخبو، وليس فيها العنف الذي تنقطع له الأنفاس، وينقطع دونه جهد كثير من الناس إنها ليست رسالة عذاب كما كانت كثير من الرسالات قبل مجيء محمد - صلى الله عليه وسلم -، فكان اتباع الرسل قد تطبعوا بطبائع الوحوش الكاسرة، ولم يمتثلوأ لما جاءتهم به رسلهم الكرام وتمادوا في طغيانهم فتنتهي حياتهم بالبتر الحاسم والتدمير الكامل بالمجتمع المريض، فقد شهد كثير من الرسل مصرع أممهم، واستئصال فروعهم وأصولهم ولم ينج منهم إلا قلة تعد على رؤوس الأصابع قال تعالى: {الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ * كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ * فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ
اسم الکتاب : كتاب التوحيد المسمى التخلي عن التقليد والتحلي بالأصل المفيد المؤلف : العرباوي، عمر الجزء : 1 صفحة : 121