اسم الکتاب : شرح سلم الوصول في علم الأصول المؤلف : الحازمي، أحمد بن عمر الجزء : 1 صفحة : 8
إذًا (الله) معناه المعبود محبةً وتعظيمًا، ولم يذكر المصنف هنا رحمه الله تعالى الرحمن الرحيم، بل اختصر على ماذا؟ على (بسم الله) وهذا لعله من أجل النظم ولم يذكر الاسمين الكريمين الرحمن الرحيم لعله ضاق عليه المقام، وهما اثنان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، ورحمن أشد مبالغة من رحيم لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، فالرحمن يدل على الرحمة العامة كما قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] والرحيم يدل على الرحمة الخاصة بالمؤمنين كما قال تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} [الأحزاب: 43] أي لا بغيرهم ووجهه أنه قَدَّمَ ما حَقَّهُ التأخير {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} أصل التركيب كان رحيمًا بالمؤمنين، فقدم الجار والمجرور فدل على الحصر والقصر، والظاهر المفهوم من نصوص الكتاب والسنة أن اسمه (الرحمن) يدل على الصفة الذاتية - وهذا كلام ابن القيم رحمه الله تعالى - فالرحمن يدل على الصفة الذاتية، و (الرحيم) يدل على إيصال تلك الصفة، بمعنى أنه صفةٌٌ فعلية، الرحمن يدل على الصفة الذاتية من حيث اتصف تعالى بالرحمة، واسمه (الرحيم) يدل على الصفة الفعلية من حيث إيصاله الرحمة إلى المرحوم. فلهذا قال الله تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً}، {إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 117] يعني يَتَعَدَّى هذا المقصود، ولم يأتِ قط إنه بهم رحمن لماذا؟ لأن الرحمة التي دل عليها الاسم الرحمن هي رحمة ذاتية، يعني: صفة ذاتية فلا تَتَعَدَّى، وثَمَّ فرق بين الصفة اللازمة الذاتية وبين الصفة المتعدية. الصفة المتعدية يكون لها مُتَعَلَّق فحينئذٍ يُنظر فيه من جهة الخلق وعدمه، وأما الصفة اللازمة فهي التي لا تتعدى محلها. إذًا لم يأتِ قط إنه بهم رحمن، قد نص على ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى، ووصف نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - بأنه رءوف رحيم قال تعالى: {حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 128] ولذلك يقال الرحمن خاص اللفظ عام المعنى، والرحيم عام اللفظ خاص المعنى. الرحمن عام المعنى رحمة عامة تشمل الكافر والمؤمن بل والبهائم وهذا من حيث المعنى فرحمته عامة إذًا هو عام، الرحمن عام. عام المعنى خاص اللفظ بمعنى أنه لا يُطلق على غير الله عز وجل، وأما الرحيم فهو خاص المعنى عام اللفظ، خاص المعنى لأنه متعلق بالمؤمنين، وأما كونه عام اللفظ لأنه يجوز إطلاقه على الله عز وجل وهو اسم من أسمائه إذا حُلِّيَ بأل وكذلك يقال: جاء زيدٌ الرحيم. يجوز هذا، ووصفه بالرحمة لا بأس به، حينئذٍ يطلق على المخلوق أنه رحيم كما يطلق على الخالق أنه رحيم مع المباينة في الصفة، وإنما المراد هنا اشتراك في اللفظ فحسب فلا يُسْتَشْكَل، ولم يصف قط أحدًا من خلقه أنه رحمن فتأمل ذلك والله أعلم.
اسم الکتاب : شرح سلم الوصول في علم الأصول المؤلف : الحازمي، أحمد بن عمر الجزء : 1 صفحة : 8