اسم الکتاب : شرح سلم الوصول في علم الأصول المؤلف : الحازمي، أحمد بن عمر الجزء : 1 صفحة : 11
هذا مشترٍ كقوله: وأنا راضٍ، إذًا راضٍ هذا خبرٌ لمبتدأ محذوف تقديره وأنا راضٍ، مرفوع ورفعه ضمة مقدرةٌ على الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين، والرضا هنا وصفٌ للعبد راضٍ أنا أي: العبد، ورضا العبد عن الله ألا يكره ما يجري به قضاؤه، وهذا المراد برضا العبد عن ربه، أن يرضى بأحكامه الشرعية وأحكامه الكونية، فلا يسخط لا من أحكامه الشرعية ولا من أحكامه الكونية، فإذا لم يكره ذلك وآمن ورضي حينئذٍ تحقق عنده الرضا، ومعلومٌ أن الرضا ضد السُّخْطِ، ولذلك جاء قوله: {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [البينة: 8] إذًا المراد بالرضا هنا وصف للعبد، وقد يكون صفة للرب لكن ليس مرادًا هنا {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} والله تعالى يتصف بهذه الصفة (بِهِ) أي بالله عز وجل (رَاضٍ بِهِ) أي بالله عز وجل (مُدَبِّراً) أي ومدبرًا، أو مدبرًا على أنه حال مستعينًا (رَاضٍ بِهِ مُدَبِّراً) نعم يكون حالاً من الضمير المجرور أين الضمير المجرور (بِهِ) الهاء هنا يعود إلى الله عز وجل (أَبدَأُ بِاسمِ اللهِ مُستَعينَا)، (بِهِ) أي بالله عز وجل ... (رَاضٍ بِهِ) أي بالله عز وجل (مُدَبِّراً) حال كونه مدبرًا لتدبيره لي في جميع شئوني، فإن أزمة الأمور بيده جل وعلا وهو الذي يعلم ما لا نعلم ويقدر ما لا نقدر، وهو الذي يدبر الأمر من السماء إلى الأرض كما قال سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} [الطلاق: 12] خلق سبع سموات، والتدبير في الأمر النظر إلى ما تؤول إليه عاقبته، (مُعِيناَ) أي ومعينًا (رَاضٍ بِهِ مُدَبِّراً مُعِيناَ) أي ومعينًا على حذف حرف العطف، وهو جائز في الشعر باتفاق يعني: لا خلاف بين النحاة أنه يجوز حذف حرف العطف في الشعر في النظم، وأما في النثر فهذا محل خلافٍ وأجازه ابن مالك رحمه الله تعالى في ألفيته.
إذًا (مُعِيناَ) أي ومعينًا، وهو بمعنى مستعين لأن الاستعانة استفعال من العون، ومعين من أعان. أعان فهو معين وهو اسم فاعل من الرباعي أعان فهو معين، والاستعانة استفعال مستعين كذلك أصلها مستعون مأخوذ من العون، إذًا هو بمعنى مستعينًا فهو المعين جل وعلا على جميع الأمور الدينية والدنيوية فلا يقدر إلا على ما أقدره الله عليه.
وَالحَمدُ للهِ كَمَا هَدانا ... إِلَى سَبيلِ الحَقِّ وَاْجتَبانا
(وَالحَمدُ للهِ) (أل) هنا للاستغراق، الألف واللام للاستغراق، والمراد به الاستغراق الحقيقي وضابطه أنه يصح حلول لفظ كل محل (أل) حقيقةً وصح الاستثناء منه هذا ضابط الاستغراق، (الحَمدُ للهِ) أي كل أنواع المحامد لله، ويجوز عقلاً الاستثناء لكن فعلاً لا يصح أن يستثنى نوع من أنواع الحمد، فلا يكون لله عز وجل، بل كل الحمد لله وأما قوله: {إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ} [العصر: 2، 3] صح الاستثناء فدل ذلك على أن (أل) في الإنسان للاستغراق الحقيقي، {إِنَّ الْإِنسَانَ} أي كل إنسان، إذًا هو من صيغ العموم حينئذٍ صح حلول لفظ كل محل (أل).
اسم الکتاب : شرح سلم الوصول في علم الأصول المؤلف : الحازمي، أحمد بن عمر الجزء : 1 صفحة : 11