اسم الکتاب : شرح سلم الوصول في علم الأصول المؤلف : الحازمي، أحمد بن عمر الجزء : 1 صفحة : 10
ثم ذكر نوعًا من أنواع العبادة وهي الاستعانة وخصها بالذكر {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} هنا من عطف الخاص على العام، لأن الاستعانة عبادة، أليس كذلك؟ استعانة عبادة، وهي داخلة في قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} لما خصها بالذكر؟ قال أهل العلم: لأنه لا يمكن للعبد أن يستقل بنفسه في عبادة ربه، بل لا بد وأن يحقق الاستعانة على ذلك. {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} لا نعبد إلا إياك ولا يعيننا ويقدرنا على هذه العبادة إلا أنت، هذا المراد بالتخصيص، إذًا طالبًا منه العون على فعل طاعته وترك معصيته حينئذٍ يحسن بالمرء أن إذا أراد فعل الطاعة أو ترك المعصية أن يستحضر بقلبه أن المعين له هو الله وحده دون ما سواه، وأما لو ترك وشأنه فلم يفعل طاعةً ولم يترك معصيةً، كما قال تعالى معلمًا لنا في فاتحة الكتاب: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله» يعني لا بغيره، تحقيق الاستعانة مما يعين على فعل العبادات عامة، ومما يحتاجه طالب العلم كذلك في الطلب، طالب العلم قد يعتريه من العوائق والعلائق ما لو وقف مع نفسه وخاصة أن ثَمَّ أمورًا قد تعيقه من جهة العجب والكبر أو الاعتماد على الأسباب من الحفظ والفهم أو المال أو نحو ذلك فقد ينصرف أو يُصرف عن العلم بسبب ما وقع فيه من الأمور التي تكون منافية للاستعانة، وهو خطابٌ شامل لجميع الأمة، وفي ضمن ذلك الأمر الواقع في جواب الشرط نهيٌ لنا عن الاستعانة بغير الله عز وجل، «وإذا استعنت فاستعن بالله» هذا أمرٌ، والأمر يستلزم النهي عن ضده، إذًا أمرنا بالاستعانة به جل وعلا وكذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا متضمن للنهي عن الاستعانة بغيره، وهذا ينظر فيه قد يكون شركًا أكبر وقد يكون شركًا أصغر، لأنه لا خالق للعباد وأفعالهم غيره تعالى، فإذا كان المخلوق لا يقدر على فعل نفسه إلا بما أقدره الله تعالى عليه فكيف يجوز أن تُطلب الإعانة منه على فعل غيره، يعني: إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يستقل بفعل نفسه فحينئذٍ كيف يعين غيره، فأنت أولى بالفعل (رَاضٍ) مستعينًا (رَاضٍ بِهِ مُدَبِّراً مُعِيناَ)، (رَاضٍ) هذا خبرٌ لمبتدأ محذوف تقديره وأنا راضٍ. إذًا (أَبدَأُ بِاسمِ اللهِ مُستَعينَا ** رَاضٍ) يعني وأنا راضٍ، أنا مبتدأ وراضٍ هذا اسم فاعل وهو خبر، والخبر مرفوع وهنا جُرَّ، الجواب أنه ليس مجرورًا بل هو مرفوع لأن الأصل راضي، كقاضي وداعي، حينئذٍ هو منقوص، والمنقوص الساكن الياء رفعًا أو خفضًا إذا كان نكرةً حينئذٍ دخله التنوين، وإذا دخله التنوين حينئذٍ التقى ساكنان الياء والنون الساكنة فحينئذٍ حذفت الياء، إذًا راضٍ أصلها راضِيٌ استثقلت الضمة على الياء فحذفت صار راضي، ثم دخله التنوين، وهو تنوين التمكين على الصحيح فحذفت الياء:
وَنَوِّنِ الْمُنَكَّرَ الْمَنْقُوصَا ... فِي رَفْعِهِ وجرِّهِ خُصُوصَا
تَقُولُ هَذَا مُشْتَرٍ مُخَادِعُ ... وافْزَعْ إِلَى حَامٍ حِمَاهُ مَانِعُ
اسم الکتاب : شرح سلم الوصول في علم الأصول المؤلف : الحازمي، أحمد بن عمر الجزء : 1 صفحة : 10