وكذلك نُظِمَ الكتاب نظمه الشيخ الطيب في أربعمائة خمس وثمانين بيت لكنها قصيدة مطولة، ولكن لا يحتاج الكتاب إلى حفظ نظم، إلا اللهم إذا كان من باب الانتقاء، وأما ما عدا ذلك فالأصل فيه أن يبقى على فهم هذه المسائل.
عرفنا أن اسمه المشهور ((كشف الشبهات)) وهو عبارة عن رد الشبهات التي أثيرت جول دعوة التوحيد الذي قام بها الشيخ، الشيخ رحمه الله تعالى فهم التوحيد على طريقة السلف، فدعا فلما دعا خالف ما عليه أهل الأهواء، وإذا كان كذلك حينئذٍ شنوا عليه الغارات وأبدوا له بعض الشبهات اعتراضًا على دعوته، فأَلَّفَ هذا الكتاب رحمه الله تعالى.
ويراد بالكشف ((كشف الشبهات)) المراد بالكشف إزالة الغطاء عن الشيء، والشبهات جمع شُبْهَة فُعْلَة بضم الشين، وهي الأمر الْمُشْتَبِهُ الْمُلْتَبس الذي لا يُدْرَى هل هو حق أم باطل؟
يلتبس على الناس هل هذا مشروع أم لا؟
هل هذا حلال أم لا؟ هل هذا حق أم باطل؟
حينئذٍ إذا اشتبه الأمر على الناس نقول: هذا يسمى شبهةً فيه التباس وخلط بين الحق والباطل، ومنه حديث: «إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات». مشبهات «لا يعلمهن كثير من الناس». إذًا هذه وسط لا يُدْرَى هل هي حلال أم حرام؟ لا يدرى هل هي حق أم باطل؟ في باب الفروع يقال: حلال أم حرام؟ وفي باب المعتقد يقال: حق أم باطل؟
قال في القاموس: الكشف كالضرب والكاشفة الإظهار. الكشف كالضرب يعني: فَعْل. والكاشفة الإظهار، ورفع شيء عن ما يواريه ويغطيه كالتكشيف، وفي المفردات كشفت الثوب عن الوجه وغيره ويقال: كشف غَمَّهُ. قال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ} [الأنعام: 17]، [يونس: 107]
لا رافع ولا مزيل لهذا الضُّرَّ {إِلَّا هُوَ}، {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ} [الأنعام: 41]، {وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62] {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ} [ق: 22]. إذًا هذه المادة جاءت في القرآن بمعنى الإزالة ورفع الشيء عن الشيء، وقال: الشِّبْهُ وَالشَّبَهُ وَالشَّبِيه حقيقتها في المماثلة من جهة الكيفية كاللون والطعم، وكالعدالة والظلم، اللون والطعم في المحسوسات، والعدالة والظلم في المعقولات، والشُّبْهَةُ فُعْلَة هو أن لا يتميز أحد الشيئين من الآخر لِمَا بينهما من التشابه عينًا كان أو معنًى، قد يكون تشابه بين شيئين عينًا ذاتًا، وقد يكون معنًى، يعني: شيء معقول لا يدرك بالحس، قال: ومنه {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة: 25] أي: يشبه بعضه بعضًا لونًا لا طعمًا وحقيقةً، وهذا في ماذا؟ في العين {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} يعني: في الجنة ليس الطعم هو الطعم، وإنما الشكل فقط، نقول: هذا تشابه عيني، وقوله: {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} [البقرة: 118] أي: في الغي والجهالة هذا أمر معنوي معقول ليس محسوسًا كالأول، إذًا استُعمل التشابه والمشابهة في ماذا؟