والقواعد الأربعة كلها من شبه المشركين، ولذلك سيأتي أنهم يفسرون أو يحتجون بأن إقرار بالخالق الرازق مع أنه لا خالق ولا رازق إلا الله عز وجل هذا من أعظم شبه الأشاعرة، ولذلك حملوا قوله: لا إله إلا الله. لا خالق لا قادر على الاختراع إلا الله عز وجل، فحينئذٍ نعرف مزية هذا الكتاب.
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ: وقد تكلم شيخنا في كتابه ((كشف الشبهات)) على أكثرها - يعني: على أكثر الشبه. - لأنها مستندة بعضها ينشق عن بعض، وهي تتوالد - كما يقول ابن القيم: السيئة تقول: أختي أُختي - كذلك الشبه فراجعه إن شئت فإنه مفيد مع اختصاره ولطافة حجمه. هو كتاب صغير.
وقال الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله: وهذا الكتاب مع قصره من أنفع الكتب لأنه يذكر فيه شبه المبطلين من عباد الأصنام والمتوسلين بغير الله، يذكر شبههم ويجيب عليها شبهةً شبهة، ولذلك سُمِّيَ الكتاب بـ ... ((كشف الشبهات)). ولهذا الكتاب يعتبر من أحسن كتب الردود على أهل الشرك في بطلان ما احتجوا به.
وقال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله تعالى: ((صنف الشيخ رحمه الله تعالى ((كشف الشبهات)) وذكر الأدلة من الكتاب والسنة على بطلان ما أورده أعداء الله ورسوله من الشبهات - أعداء الله ورسوله يقصد من؟ دعاة الشرك وهم ينتسبون إلى الإسلام - فأدحض حججهم وبين تهافتهم، وكان كتابًا عظيم النفع على صغر حجمه، جليل القدر، أنقمع به أعداء الله، وانتفع به أولياء الله فصار عَلَمًا ينتفع به الموحدون - أو عِلْمًا يقتدي به الموحدون - وسلسبيلاً يرده المهتدون، ومن كوثره يشربون، وبه على أعداء الله يَصُلُون، فلله ما أنفعه من كتاب! وما أوضح حججه من خطاب! لكن لمن كان ذا قلب سليم وعقل راجح مسقيم)). قال ناظمه:
فذا الكتاب حجمه صغير ... لكنه في علمه كبير
وفي بعض النسخ لكنه في علمه غزير.
فحينئذٍ نعلم أن هذا الكتاب له أهمية كبرى، فينبغي على طالب العلم أن يعتني به عناية فائقة، وخاصة الآن لا يقال بأن الشرك قد زال، وبأنه لا يوجد، لا، نقول: وُجِدَ أهل البدع في كل زمان وفي كل مكان، حينئذٍ دعاة الشرك لا ينكفون عن دعوتهم الباطلة ونشرها بين الناس.
هذا على الكتاب على صغر حجمه كما ذكرناه يشتمل على أقسام، ذكر فيه مقدمة في أوله، وهذه المقدمة هي أهم ما يعتنى به لضبط الشبه، لأنه أَصَّلَ فيها أصولاً وقَعَّدَ فيها قواعد،، وهذه القواعد بضبطها وهذه الأصول بضبطها حينئذٍ تُرَدُّ الشبه إليها، الشبه لا تنكشف هكذا ابتداءً، ليس هو وحي وفتح من النفس وإلهام، لا، نقول: لا بد من رجوع إلى كتاب الله جل وعلا وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وفهم سلف الأمة. حينئذٍ نقول: هذا التأصيل الذي قَعَّدَهُ المصنف رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه هو العمدة في فهم الكتاب، ولذلك سنركز عليها أكثر من الوقوف على نفس الشبه.