إذًا بَيَّنَ لنا في هذا الكتاب وهو أول غرض له تقرير التوحيد على الوجه الصحيح وعرفنا لماذا أراد أن يقرر لنا هذا الأصل من خلاف، وسيأتي أن هذه الشبه التي أُورِدَت عليه إنما هي من علماء منتسبين إلى الإسلام، وهم من حيث المعتقد أشاعرة وماترودية ونحو ذلك. إذًا ثَمَّ فارق بين التوحيد عند السلف وعند الخلف من الأشاعرة ونحوهم.
إذًا تقرير التوحيد توحيد العباد لذلك قال: (اعلم رحمك الله أن التوحيد هو إفراد الله) تعالى إفراد الله سبحانه وتعالى (بالعبادة)، وفي بعض النسخ بالتعلق.
ثانيًا: بَيَّن نقيض التوحيد لأنه لا يفهم التوحيد على الوجه الصحيح الكامل ولو ادعى مدعٍ أنه قد فهم التوحيد على الوجه الصحيح دون النظر في معنى نقيضه فقد أخطأ، لا بد أن يُنْظَر في النقيض، إذ هما شيئان، إما موحد، وإما مشرك، لا توحيد إلا مع الخلوص من الشرك بحذافيره، ومن وقع في الشرك فهو نقص في التوحيد، إما من أصله ومن من جهة كماله.
إذًا الغرض الثاني في موضوع هذا الكتاب هو: إبطال ودفع الشرك في توحيد العبادة بعد أن بين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما بُعث في قوم يقرون بتوحيد الربوبية كما سيأتي بيانه.
الثالث في موضوع الكتاب: أنه ذكر أشهر الشبه التي استند إليها أولئك الأقوام الذين تلبسوا بالشرك الأكبر؛ لأن كل صاحب بدعة وضلالة لا بد وأنه يستند إلى علم يراه هو عِلْمًا، ثم لا بد وأن تكون عنده حجة من لدن إبليس إلى أن تقوم الساعة، ما من صاحب بدعة إلا وهو عنده من العلم والحجة {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} هذه حجته، وكل من ابتدع بدعة لا بد أنه يستند ويتكأ على مثل هذه الشبه، فحينئذٍ نقول: هذه الأغراض الثلاثة لهذه الأغراض الثلاثة صنف المصنف الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى نُصرةً للدعوة السلفية صنف هذا الكتاب لتقرير معنى التوحيد، توحيد العبادة، وتممه ببيان نقيضه وضده وهو الشرك بحذافيره، ولو على جهة الإجمال.
وثالثًا: ذكر بعضًا من الشبه وردها ردًا إجماليًا، ثم تفصيليًّا- وسيأتي بينها على جهة التفصيل -.
فأهمية الكتاب تنطلق من معرفة هذه الأغراض الثلاثة التي ذكرناها فيما سبق، ولذلك لما قدَّم مقدمة وهي معرفة التوحيد حينئذٍ نقول: لا إشكال في أن يدرس كتاب ((الشبهات)) قبل كتاب ((التوحيد))، وإن كان هذا المصنف ألفه رحمه الله تعالى بعد كتاب ((التوحيد)) ولما نشر كتاب ... ((التوحيد)) انتفض أهل البدع وأوردوا عليه من الشبه والاعتراضات فحينئذٍ ردها وفندها شبهةً شبة.
معرفة التوحيد على جهة الإجمال كما ذكره في الأصول الثلاثة وفي المقدمة التي ذكرها هنا تكفي لطالب العلم في فهم الشبه التي سيذكرها المصنف، ولا داعي أن يقال لا بد أنه يدرس كتاب ((التوحيد)) حتى يفهم ... ((كشف الشبهات)) على وجه التفصيل، نقول: هذا لا داعي له، لأن التوحيد معنى واضح بين، معنى واضح وبين، فإذا عرف التوحيد عند السلف، وعرف لماذا هؤلاء انتكسوا في مفهوم التوحيد من الأشاعرة وغيرهم؟ حينئذٍ ضبط المسألة وعرف من أصله.
فكل إيراد يرد عليه حينئذٍ له جواب عنده.