ما يجتمعان، كيف نريد وحدة الصف؟ كيف نريد لَمّ الشمل، ما يمكن هذا إلا إذا عارضنا هذه السنة الإلهية، حَكَمَ الله وهذا أمر خبر من النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سيقع ستفترق هذه الأمة أمة الإجابة إلى ثلاث وسبعين فرقة، والفارق بينهم ليس خلافًا فقهيًّا، وإنما هو خلاف عَقَدِي مخالف لمنهج السلف في التأصيل العقدي، فحينئذٍ نقول: اجتماعهم ومحاولة جمعهم هذا مقابل للسنة الإلهية، وهذا أمرٌ لا يمكن أن يكون، وحجتهم لا تُصَدِّعُوا الصف من الداخل لا تحركوا الخلاف بين المسلمين نلتقي فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه، إلى سائر الحجج البدعية والشبه القوية التي تنطلي على الكثير.
نقول: نحن نريد أن نواجه مثلاً اليهود والنصارى نقول: لا يمكن مواجهتم إلا بتوحيد الصف، بأن يرجع الرافضة إلى الإسلام، وبأن يعلن الأشاعرة عقيدة السلف، وبأن ينحل الماتريدية عن عقيدتهم ويرجعوا إلى عقلهم، فحينئذٍ نقول: توحد الصف. وأما توحيد الصف مع السكوت عما هم عليه نقول: لا هذا لا يمكن أن يكون.
والحاصل أيها الأحباء نقول: الرد على أهل الأهواء واجب كفائيٌ معلومٌ بالضرورة، وخلاصة القول إن كشف الشبهات من أصول الدين، والله تعالى رد على المشركين في القرآن ودحض شبهاتهم {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ} [الشورى: 16] زائلةٌ {عِندَ رَبِّهِمْ} إذ كل من يجادل بالباطل له حجةٌ وله علمٌ، لكن إذا عُرِضَتْ على الكتاب والسنة فحجته {دَاحِضَةٌ} أي: زائلة.
وكشف الشبهات إنما يكون عن طريقين:
طريقٍ العقل.
وطريقٍ السمع.
يعني: كيف نكشف الشبهات؟ إما بطريقٍ العقل، وإما بطريقٍ السمع، فالعقلي يكون بإيجاد البراهين بالبحتة التي تبطل الشبهة الْمُشَبِّهِين، وقد يكون بإيجاد الأمثلة العرفية التي تُضْعِفُ حجة الخصم وكلاهما في القرآن.
والثاني: أي السمعي، هذا واضحٌ بَيِّن.
والبرهان العقلي في التوحيد كما جاء في قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22]، وهذا كثير في القرآن، ولذلك قلنا فيما سبق أن الدليل العقلي هو محل النظر، قد يكون مستنده العقلي فحسب، وقد يكون مأخوذًا من السمع، فالسمعي قد يكون سمعيًا محضًا، وقد يكون سمعيًا عقليًا، وهذا واردٌ في الكتاب وكذلك في .. .
وكل مثلٍ في القرآن فهو دليلٌ عقليٌ.