قال رحمه الله تعالى: ويجب عقوبة كل من انتسب إليه. إلى من؟ إلى أهل البدع انتسب إليهم قال: أشعري. قال: ماتوريدي. قال: إخواني. قال: تبليغي. إذا انتسب إليهم تجب عقوبته، وهؤلاء كلهم مبتدعة أو ذب عنهم دافع عنهم، عن أهل البدع أو أثنى عليهم أو عظَّم كتبهم أو عُرِفَ بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كَرِهَ الكلام فيهم تَجِب عقوبته، كره الكلام فيهم ما أثنى عليهم لكن كره بقلبه ما أحب أن يتكلم في أولئك، يجب أن يعاقب، والله المستعان، أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يَدْرِي ما هو؟ أو قال إنه صنف هذا الكتاب وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق، لا يعتذر عنهم لصد الرد عليهم إلا جاهل أو منافق، إما هذا وإما ذاك، فانظر نفسك أين مكانك؟
بل تجب عقوبة من عرف حالهم ولم يعاون على القيام عليهم، الله أكبر، تجب عقوبة كل من عرف أن هذا مبتدع ثم لم يعاون الرادّ عليهم سكت ولم يتكلم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات، لماذا؟
لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والملوك الأمراء وهم يسعون في الأرض فسادًا ويصدون عن سبيل الله، هذا شأن من؟ المبتدع وهو مسلم، وشيخ الإسلام يقول: أعظم وهم يسعون في الأرض. فالسعي في الأرض فسادًا ليس من شأن اليهود والنصارى، اليهود والنصارى لهم فساد، والمبتدعة لهم فساد فلا شك عند العاقل أن ضرر هؤلاء المفسدين من أهل البدع على الأمة أشد ضررًا من اليهود والنصارى، لا شك في هذا لماذا؟
لأن ذلك عدو خارجي الكل يعرف لو جئت للعامي لا يفقه شيء من دين الله إلا أنه يصلي ويقول: لا إله إلا الله. فلو قلت له: هذا القول قال به فلان وفلان من اليهود والنصارى هل تقبله نفسه؟ لا، لكن لو جئت إلى بدعة فقلت: قال بها فلان فضيلة الشيخ فلان أو كذا أو كذا من أهل العلم يقبل أو لا يقبل؟ إذًا أيهما أشدد ضررًا المبتدعة العدو الداخلي، هذا أشد ضررًا من العدو الخارجي، ولا يمكن جهاد العدو الخارجي إلا بإصلاح ذات البَيْنِ بين المسلمين، وهذا يكون بجمع كلمتهم لا مع السكوت عن تلك البدع، وإنما بأن ينقاد كل واحد منهم إلى الحق، ولذلك قال: ... {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: 33] {وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال: 47، وغيرها] وهذا أمر واضح بَيِّن، والغريب أن من يُجَمِّع، النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بافتراق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، والفرقة الناجية كم؟ ستة ولا سبعة؟
واحدة، ستفترق هذه الأمة إلى - ترى ما خرجنا عن الموضوع ونحن نبين أن كشف الشبهات من الردود ولماذا رد المصنف؟ نقول: النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن هذه الأمة ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة، والفرقة الناجية واحدة فقط، ومن يدعوا إلى توحيد الصف مثلاً والسكوت عن أهل البدع يريد اختصار هذه الثلاث والسبعين في فرقة واحدة مع وجود التباين الحقيقي بين العقائد المطردة، يعني: الذي يقول: الله في السماء على عرشه مستوي بائن من خلقه. مع الذي يقول: الله في كل مكان كلنا إخوة؟ هل يجتمعان؟