ويقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((ولهذا يتغير الدين بالتبديل تارة، وبالنسخ أخرى يعني ينسخ، وهذا الدين دين الإسلام لا يُنْسَخُ أبدًا وإنما يبقى ماذا؟ يبقى التبديل والتحريف، لكن يكون فيه في الدين المنتسبين إلى الإسلام من يُدْخِلُ فيه من التحريف والتبديل والكذب والكتمان ما يُلَبِّسُ به الحق من الباطل، ليس فيه نسخ، وإنما فيه من يتبنى أن يدخل فيه من التحريف والكتمان والكذب والتبديل ما يُلَبِّسُ به الحق من الباطل، ولا بد أن يقيم الله فيه من تقوم به الحجة خلفًا عن الرسل فينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، فيحق الله الحق ويبطل الباطل ولو كره المشركون. فحينئذٍ يكون الرد على أهل البدع كما صنع المصنف هنا رحمه الله تعالى في ((كشف الشبهات)) يُعتبر من فروض الكفاية، بل من المعلوم من الدين بالضرورة، بل من الأحكام القطعية - ليست الظنية - لأنه محل إجماع بين السلف، بل عَدَّهُ بعضهم من الجهاد قالوا: الجهاد جهاد الكفار يكون بالسنان، وجهاد المنافقين وأرباب البدع يكون باللسان. إذًا لا بد من العلم، فالرد على أهل البدع من أبواب الجهاد عظيم. قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: فالرادُّ على أهل البدع مجاهد. حتى كان يحيى بن يحيى يقول: الذَّبّ عن السنة أفضل من الجهاد. قال بعضهم لأحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: إنه يَثْقُلُ عليَّ أن أقول: فلان كذا وفلان كذا. فقال يعني يتورع ويكون ثقيل على النفس أن يقول: فلان فيه كذا وفلان فيه كذا. قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: ((إذا سكت أنت وسكت أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم)). صحيح أو لا؟ إذا كلنا قلنا: لا نتكلم في أهل البدع. وندع المبتدع يُأَلِّبُون على الناس ويُلَبِّسُون الحق على الناس حتى يسوى الرافضي مع السني، وإذا سمع العامة وتلقوا هذا عن من انتسب إلى أهل العلم وظهر بصلاحه لهم، حينئذٍ إذا لم أبين أنا وسكت وأنت سكت ما الذي يُعَرِّفُ العامة أنه لا يجتمع الرافضي مع السني إلا إذا اجتمع الليل والنهار، إلا إذا اجتمع الإسلام مع .. ، ما الذي يُبَيِّنُ للعامة، إذا سَكَتَّ أنتَ وسَكَتُّ أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم؟
ولذلك ينبغي التنبه لمثل هذه المسألة، الذي لا يريد أن يَرُدّ لا ينكر على غيره، الذي لا يريد أن يرد لا يجوز له أن ينكر على غيره، بل شيخ الإسلام رحمه الله يُنَزِّلُ حكمًا عامًا، وابن تيمية رحمه الله في مثل هذه المسائل من أهل الاستقراء التام، نخالفه في بعض المسائل الحكمية هناك حلال وحرام وواجب وسنة، أمَّا هنا فنعطيه الراية، أليس كذلك؟
وليس هذا تقليد، لكنه لتمكنه في هذا الباب رحمه الله تعالى، يرى أنه يجب عقوبة من وَالَى المبتدعة قربهم إليه أحبابنا أصحابنا إخواننا، ومن سكت عليهم ومن خَذَّلَ لأن من لم يوالِ إمَّا رَادٌّ وإما مُوَالٍ وإما ساكت وإما مُخَذِّل. قال: هؤلاء ما عدا الرادّ كلهم يجب أن يعاقبوا من جهة ولي الأمر. كلهم الساكت والمخذل، والله المستعان.