يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى دفعًا لهذه الشبهة التي ابتدأنا الحديث بها، يقول رحمه الله: ((فالْمُرْصَدُون للعلم - يعني: أهل العلم. مرصدون للعلم أهل العلم - عليهم للأمة - للأمة عامة المسلمين - عليهم للأمة حفظ الدين وتبليغه، فإذا لم يبلغوهم علم الدين أو ضيعوا حفظه، كان ذلك من أعظم الظلم للمسلمين)). لا تظن أن العالم إذا صار عالمًا ارتفعت عنه العصمة، فكل قوله يكون مقبولاً، وكل عمله يكون مقبولاً، لا، بل لا بد من عَرْضِهِ على الكتاب والسنة، فنجعل الكتاب والسنة ميزان، لكنه بعد العلم بهما، وما أحببنا أهل العلم ولا أجللنا أهل العلم إلا لاتصافهم بالعلم الشرعي لا لذواتهم، نحن نحب الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى ونجله، وكذلك الشيخ ابن باز نقول: هؤلاء حبنا لهم لأي شيء لذواتهم أو لما قام بهم من العلم الشرعي الصحيح المحقق ودعوتهم السلفية؟ لا شك أنه من أجل الثاني حينئذٍ أحببناهم للعلم الشرعي الذي عندهم، وأحببناهم لما عندهم من علم صافي سلفي، وأحببناهم لدعوتهم لهذا الدين، وذبهم عن هذا الدين، لا لذواتهم، لو لم يتلبسوا بالعلم ما عرفنا من محمد بن عثيمين أليس كذلك؟ لم يكن له وزن ولم يكن شيء لكن من فضل الله عز وجل عليه أن مَنَّ عليه بهذا العلم الصحيح فحينئذٍ نقول: ليس هو ولا غيره بالمعصوم قولاً ولا فعلاً، كان ذلك من أعظم الظلم للمسلمين ولهذا قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} [البقرة: 159]. هؤلاء علماء وأنكر الله عز وجل عليهم {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ} في ردّ القرآن أليس كذلك؟ ولذلك القرآن مشحون بالردود على اليهود والنصارى والمشركين {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: 159] هذا شأن من؟ شأن من يكتم العلم ومن الذي يكتم العلم؟ الذي لا يعلم الناس الذي يرى البدعة ولا ينكرها الذي يرى دعاة السوء ولا يبين الحق الذي يكون لله عز وجل، فإن ضرر كتمانهم يقول ابن تيمية: ((فإن ضرر كتمانهم تعدى إلى البهائم وغيرها فلعنهم اللاعنون حتى البهائم)). هذا أمر خطير {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ} كل من علم مسألة شرعية بدليلها وخاصة في المعتقد إذ لا خلاف حتى يقول حتى أتقن تلك المسائل كما هو شأن الفقه، لا، المسائل واضحة وبينة وعقيدة السلف من حيث الأصول ومتممات الأصول كلها واضحة لا إشكال فيها، بكتاب واحد يستطيع أن يقف على جمهرة من مسائل المعتقد المتفق عليها بين أهل العلم.