ومآل الشبهات واحد من ثلاثة أمور يعني: إذا ورد هذا الوارد عن القلب ما النتيجة؟ إذا لم يعالج نفسه ويُدرك أن هذه الشبهة لا بد من إزالتها، وكل شبهة لها علاج في الكتاب والسنة - الحمد لله - ليس ثَمَّ أمر يلتبس ولا علاج له في الكتاب والسنة، لكن كما ذكرنا نقول: لقلة علمه وقلة بصيرته وفهمه يقع في هذه الشبهة وإلا لو عرض ذلك على من هو أرسخ منه في العلم لانكشفت عنه الشبهة، لكن باعتباره هو إن لم يُزل هذه الشبهة فمآله إما الكفر، وإما النفاق، وإما البدعة، ولا نقول الفسق، لأن هذا له الشهوة الذي هو أحد ماذا؟ واردي القلب، فتنتان شهوة وشبهةٌ، ولا نجاة من الشبهات إلا بالعلم الشرعي، وكل ما كَمُلَ الإنسان عِلْمًا وعَمَلاً كان أبعد عن الشبه، ولا كمال في العلم والعمل إلا بتجريد الإخلاص لله عز وجل في حياته كلها، وبتجريد المتابعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ظاهرًا وباطنًا، وإذا وقع في الشبهة فثَمَّ خلل في هذين الأمرين، لا بد من تجريد الإخلاص من أي شائبة من شوائب الدنيا وأغراض النفس وحظوظها، ولا بد من تجريد المتابعة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وألا يكون في قلبه شيء أعظم من الحق، ومعرفة الحق تكون أحب إليه من كل شيء.
((كشف الشبهات)) عرفنا أنه ردّ من المصنف رحمه الله تعالى على علماء عصره من المنتسبين إلى الإسلام، وعرفنا أن هذه موجهة للمسلمين يعني: هذا الكتاب لم يؤلف لردِّ شبه اليهود والنصارى، فحينئذٍ نقول: كشف الشبهات والرد على المخالف من أصول الدين والأحكام المعلومة من الدين بالضرورة، لأنه لا يُحفظ الإسلام ولا يُرَدُّ كيد الأعداء إلا بالذب عن العقيدة، وإلا بالذَّبِّ عن فروع الشريعة، يعني: الرَّدّ قد يكون في أصل المعتقد وقد يكون في ما دون ذلك، حتى في الأخطاء التي يمكن أن يكون صاحبها مجتهدًا ولكن قد أخطأ في النتيجة، حينئذٍ الأصل فيه وجوب الرد وبيان الحق لينكشف أمره للناس، لأن ثَمَّ أمرين:
حق لمن وقع في البدعة، وحق للدين، وحق للعامة المسلمين، ثَمَّ حقوق فإذا وقع الواقع في البدعة، فحينئذٍ له حق هذا الحق معارض بحقين:
حق الرب جل وعلا وحماية دينه والذب عنه وعن شريعته.
وحقوق العامة فإذا لم يُبَيّن خطؤه وتنكشف بدعته فحينئذٍ وقع اللبس في نسبة هذه البدعة إلى الشرع، لأن الناس إذا تُرِكُوا وهذه الشبهة وهذه البدعة ظنوا أنها من الدين، وإذا كان كذلك حينئذٍ أدخل في الدين ما ليس منه، فهل يُرَاعَى حق المبتدع فيقال: هو مسلم فنكف ألسنتنا عنه؟ أم نراعي حق الدين فننفي عنه ما ليس منه؟
حينئذٍ لا شك أننا نقدم ماذا؟ حق الدين.