اسم الکتاب : شرح لمعة الاعتقاد المؤلف : الحازمي، أحمد بن عمر الجزء : 1 صفحة : 19
وأما الاعتقاد من حيث هو فهو حكم الذهن الجازم فإن طابق الواقع فصحيحٌ وإلا ففاسد، يعني: الاعتقاد ليس كل اعتقادٍ يكون صحيحًا، أليس كذلك؟ هل كل اعتقاد يكون صحيحًا؟ لا، العقيدة قد تكون فاسدة كعقيدة الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، وقد تكون صحيحة كعقيدة أهل السنة والجماعة، حينئذٍ القدر المشترك أن كلاً منهما عقيدة، بمعنى أنه محله القلب ومعقودٌ عليه بالجزم، هذا قدر مشترك بين النوعين، وأما المعقود عليه الذي هو محلٌ للوصف بالصحة وعدمها الفساد، والحق والباطل هذا مما يفارق فيه أهل السنة والجماعة غيرهم، حينئذٍ نقول: ليس كل عقيدةٍ تكون صحيحة، ولذلك قيدها إن صحت النسبة لابن قدامة ((لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد))، إذًا ليس كل اعتقاد يكون هاديًا إلى سبيل الرشاد، وهذا وصفٌ جيد قوله: الهادي. صفةٌ للاعتقاد للاحتراز لأنه ليس كل اعتقادٍ يكون صحيحًا حينئذٍ الاعتقاد الصحيح المطابق للحق ولمنهج السلف من الصحابة والقرون المفضلة هو الذي يهدي من اعتقده إلى سبيل الرشاد، إذًا الهادي صفةٌ للاعتقاد وهي صفةٌ للاحتراز، لأن الصفة قد تكون كاشفة وقد تكون للاحتراز، وهذا وذاك موجودٌ في القرآن {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} [البقرة: 21] {رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} هذه صفة عند أهل العلم، صفة للاحتراز عن ربٍ لم يخلقنا أم أنها صفةٌ كاشفة أن هذا الرب هو الذي خلقنا؟ لا شك أنه الثاني، واضح؟ إذًا الصف قد تكون كاشفة بمعنى أنها ليست للاحتراز ليس ثَمَّ شيءٍ دخل في الموصوف فنحتاج إلى إخراجه، أليس كذلك؟ ((لمعة الاعتقاد)) قلنا: اعتقاد هذا مشترك بين عقيدة باطلة وعقيدة حقه. قلنا: الهادي هذا صفة، إذًا أخرج العقيدة الباطلة، قد يكون الوصف ليس بالإخراج والآية المذكورة واضحة، {اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ} {رَبَّكُمُ} هذا مفعول به الذي وقعت عليه العمل، ولذلك قيل: هو معبود. من هذه الآية {اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} {الَّذِي خَلَقَكُمْ} إعرابه أنه صفة لرب، هل هي صفةٌ كاشفة أم للاحتراز؟ إذا قلت: للاحتراز. معناه أن عندنا ربين ربٌ خلقنا وربٌ ليس بخالقٍ، وهذا كما ذكرت سابقًا فهم اللغة يعينك على فهم التفسير، والهادي اسم فاعل من هَدَى فهو هادٍ، والمراد بالهداية هنا هداية الدلالة والإرشاد والدعاء وتعريف الطريق وهي المراده بقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [السجدة: 24].
اسم الکتاب : شرح لمعة الاعتقاد المؤلف : الحازمي، أحمد بن عمر الجزء : 1 صفحة : 19