اسم الکتاب : قرة العين بفتاوى علماء الحرمين المؤلف : المغربي، حسين الجزء : 1 صفحة : 322
أي وكذا لو طرأت الإقامة بها على أصالة الإسلام أن يهجره ويلحق بدار المسلمين، ولا يثوى بين المشركين ويقيم بين ظهرانيهم؛ لئلا تجري عليه أحكامهم، فكيف يباح لأحد الدخول إلى بلادهم حيث تجري عليه أحكامهم في تجارة أو غيرها. اهـ. وعليه فنفور هذا الرجل المسلم عن الحكم الشرعي وميله لرفع أمره إلى قنصله الكافر ليجري عليه حكم أولى بالتحريم مما ذكره ابن رشد والشيخ عليش ضرورة أن الذي صرح بتحريمه ليس فيه رغبة عن الحكم الشرعي، وميل لحكم الكافر صراحة، بل التزامًا بخلاف هذا الرجل المسئول عنه كما لا يخفى، قال العلامة ابن فرحون في تبصرته: العقوبة تكون على فعل محرم أو ترك واجب أو ترك سنة أو فعل مكروه، ومنها ما هو مقدر، ومنها ما هو غير مقدر، وتختلف مقاديرها وأجناسها وصفاتها باختلاف الجرائم وكبرها وصغرها، وبحسب حال المجرم في نفسه، وبحسب حال القائل والمقول فيه والقول، قال ابن قيم الجوزية: اتفق العلماء على أن التعزير مشروع في كل معصية ليس فيها حد بحسب الجناية في العظم والصغر، وبحسب الجاني في الشر وعدمه. اهـ. ولا شك أن هذه الرجل قد ارتكب محرمًا إن لم يكن كفرًا فهو قريب منه، فيجب على الحاكم المبالغة في عقوبته بما يكون رادعًا له ولأمثاله والله أعلم.
(ما قولكم دام فضلكم) في عقار أوقفه من يملكه على نفسه، ثم على أولاده، ثم على أولاد أولاده طبقة بعد طبقة، ثم على المعاتيق، ثم على جهة لا تنقطع، وقد انحصر الوقف الآن في أولاد أولاد الواقف، فيتعدى أحدهم على قطعة أرض مسقوية من الوقف وبدلها بأرض عثرية، والحال أنه ليس هو بناظر، ولا بالوقف خراب يجوز استبداله، فرفع المستحقون المستبدل للقاضي فادعى أن الأرض العثرية ملكه بوضع يده عليها، وأنكر كونه أخذها عن قطعة الأرض المسقوية التي هي ضمن الوقف، فطلب القاضي من المستحقين المدعين على المستبدل المذكور بينة تشهد بأن الأرض العثرية بدل عن المسقوية التي من ضمن الوقف المذكور، فأحضروا شاهدين فشهدا بذلك، فطعن في الشاهدين المستبدل بأنهم عصبة، وعنده البينة على ذلك، فأجاب المستحقون المذكورون بأنهم عصبة لا يستحقون في الوقف شيئًا، فهل يكون الطعن المذكور في بينة الوقفية موجبًا لعدم قبولهم أم لا؟ أفتونا.
(الجواب)
إن الطعن في بينة الوقفية بأنهم عصبة لم تبطل شهادتهم بالوقفية إذا انحصر الوقف فيهم، أو كان معهم مشارك في الوقف، أو كان الوقف يرجع إليهم بعد حين، قال العلامة الدردير في شرحه على أقرب المسالك مع المتن: ولا شهادة لشاهد إن جر بها نفعًا كشهادته بعتق عبديتهم الشاهد في ولائه، كأن يشهد أن أباه مثلاً قد أعتق عبده فلانًا، وفي الورثة من لا حق له في الولاء كالبنات والزوجات، ويشترط أن تكون التهمة حاصلة في الحال بأن يكون العبد لو مات الآن ورثه الشاهد، وأما إذا كان قد يرجع إليه الولاء بعد حين كما لو شهد أن أخاه قد أعتق عبده، وللأخ ابن فتقبل شهادته كما تقبل إذا كان لا وارث معه،
اسم الکتاب : قرة العين بفتاوى علماء الحرمين المؤلف : المغربي، حسين الجزء : 1 صفحة : 322