الْمُنْتَظَر الْمَعْصُومُ، أو تدعي ذلك، ورُوِيَ عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال -وقد ذُكِرَ له الْخَضِرُ-: "من أحالك على غائبٍ فما أنصفك، وما ألقى هذا على ألسنة الناس إلا الشيطان" [1].
وقال الإمام أبو الحسن بن المنادي -رحمه اللَّه [2] -:
"بحثت عن تعمير الخَضِرِ، وهل هو بَاقٍ، أم لا؛ فإذا أكثرُ الْمُغفَّلِينَ مفترون بأنه بَاقٍ من أجل ما رُوِىَ في ذلك، قال: "والأحاديث المرفوعة في ذلك واهية، والسند إلى أهل الكتاب ساقط؛ لعدم ثقتهم، وخبر مسلمة بن مصقلة كالخرافة، وخبر رياح كالريح، قال: وما عدا ذلك كله من الأخبار كلها واهية الصدور والأعجاز، لا يخلو حالها من أحد أمرين:
إما أن تكون أُدْخِلَتْ على الثقات استغفالًا، أو يكون بعضهم تَعَمَّدَ.
وقد قال اللَّه -تَعَالَى-: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء: 34] " اهـ.
وممن قال بموت الخَضِرِ إبراهيم الحربي؛ حيث قال حين سُئِلَ عن بقاء الخَضِرِ إلى الآن: "من أحال على غائب لم ينتصف منه، وما ألقى هذا بين الناس إلا الشيطان" [3].
وقال الإمام أبو الخَطَّابِ بن دحية -رحمه اللَّه-:
"وجميع ما ورد في حياته لا يصح منها شيء باتفاق أهل النقل، وإنما يذكر [1] مجموع الفتاوى (27/ 100 - 102)، وانظره: (4/ 337)، وقد جاء في موضع آخر (4/ 338 - 340) ما يفيد القول بحياته، حتى استغرب جامع الفتاوى الفتوى التي تؤيد كونه حيًّا، فقال: "هكذا وجدت هذه الرسالة". اهـ.
فالراجح -والله أعلم- أنه انتهى إلى القول بموته لأنه أيده بأدلة قوية، بجانب أنه ينسجم مع منهجه العلمي المعروف عنه في مثل هذا، وقد قال -رحمه الله- في "منهاج السنة النبوية": "والصواب الذي عليه محققو العلماء أن إلياس والخضر ماتا". اهـ. (1/ 97).
(2) "الزهر النضر في نبأ الخضر"، ضمن "الرسائل المنيرية" (2/ 206، 207). [3] نقله عنه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 199)، والألوسي في "روح المعاني" (15/ 320).