أفضل بكثير من سياحته بين الوحوش في القفار والفلوات، إلى غير ذلك" [1].
وقال ابن الجوزي في "عجالة المنتظر في شرح حال الخضر":
"إن من قال: (إنه موجود قائمًا)، قال ذلك لهواجس ووسواس" [2]. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه اللَّه - تَعَالَى-:
"والصواب الذي عليه المحققون أنه ميت، وأنه لم يدرك الإسلام، ولو كان موجودًا في زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، لوجب عليه أن يُؤْمِنَ به، ويُجَاهِدَ معه؛ كما أوجب اللَّه ذلك عليه، وعلى غيره، ولكان يكون في مكة والمدينة، ولكان يكون حضوره مع الصحابة للجهاد معهم، وإعانتهم على الدين- أولى به من حضوره عند قوم كُفَّارٍ؛ ليُرَقِّعَ لهم سفينتهم، ولم يكن مختفيًا عن خير أمة أُخْرِجَتْ للناس، وهو قد كان بين يدي المشركين، ولم يحتجب عنهم، ثم ليس للمسلمين به وأمثاله حاجة لا في دينهم، ولا في دنياهم؛ فإن دينهم أخذوه عن الرسول النبي الأمي -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي عَلَّمَهُمْ الكتاب والحكمة ... وإذا كان الْخَضِرُ حيًّا دائمًا، فكيف لم يذكر النبيُّ ذلك قط؟ ولا أخبر به أمته؟ ولا خلفاؤه الراشدون؟ وقول القائل: "إنه نقيب الأولياء"، فيقالُ له: مَن وَلَّاهُ النِّقابة؟ وأفضل الأولياء أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليس فيهم الْخَضِرُ، وعامَّةُ ما يُحْكَى في هذا الباب من الحكايات بعضها كَذِبٌ، وبعضها مبني على ظن رجل؛ مثل شخص رأى رجلًا ظن أنه الْخَضِرُ [3]، وقال: إنه الْخَضِرُ، كما أن الرافضة تَرَى شَخْصًا تَظُنُّ أنه الإمام [1] نقله عنه الألوسي في "روح المعاني" (15/ 320، 321). [2] حكاه عنه في "كشف الظنون" (2/ 1125). [3] وعادة ما ينتهي كثير من هذه الحكايات بما يؤكد أنه مجرد ظن وتخمين، كقول بعضهم: "فالتفت لأكلمه، فلم أره، فوقع في نفسي أنه الخضر". اهـ. من "فتح الباري" (6/ 311)، وفي بعضها: "فقلت: ما أشبه أن يكون هذا الخضر، أو بعض الأبدال". اهـ. من "الإصابة" (2/ 132، 133)، وفي بعضها: "ثم غاب الشيخ، فعلمنا أنه الخضر". اهـ. "من مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص (144، 145).