واقع"، فعلمت أن ذلك الرجل كان الْخَضِرَ، ولا شَك أني استفهمت الشيخ عنه: أهو هو؟ قال: نعم، هو الْخَضِرُ" (1)
- وزعم ابن عربي أيضًا: "أنه اجتمع بالخضر، وأنه -أي الخضر- ألبسه خرقة الصوفية، وأن ذلك تم تجاه الحجر الأسود في مكة، وأنه أخذ عليه العهد بالتسليم لمقامات الشيوخ "أهل التصريف" وأنه كان مترددًا في لبس الخرقة من الخضر حتى أعلمه الخضر أنه لبسها من يد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمدينة المشرفة منبع الفيض الأتم" [2].
- وذكر الشعراني في "معارج الألباب" عن بعض شيوخه، ذكر له أن الْخَضِرَ -عليه السلام- كان يحضر مجلس فقه أبي حنيفة في كل يوم بعد صلاة الصبح يتعلم منه الشريعة، فلمَّا مات -أي أبو حنيفة- سأل الْخَضِرُ ربه أن يرد روح أبي حنيفة إلى قبره؛ حيث يتم له علم الشريعة، وأن الْخَضِرَ كان يأتي إليه كل يوم على عادته يسمع منه الشريعة داخل القبر، وأقام على ذلك خمس عشرة سنة؛ حتى أكمل علم الشريعة [3].
- وحلف الإمام عبد اللَّه بن أسعد اليافعي الشافعي اليماني على حياة الخضر، والتقائه بالناس، وقال: "وواللَّهِ لقد أخبرني غير واحد من الأولياء
(1) "الفتوحات المكية" (3/ 180).
(2) "الكتاب التذكاري، لابن عربي" ص (304).
(3) "معارج الألباب" ص (44)، نقلًا عن "الفكر الصوفي" ص (137، 138)، وانظر: "الإنصاف" للصنعاني ص (52)، وقد أورد البرزنجي الحكاية كاملة في "الإشاعة لأشراط الساعة" ص (222 - 225)، وأبطلها من وجوه، وفيها ركاكة ولحن، ولا تروج إلا على ذوي العقول السخيفة.
والعجب أن القوم يثبتون حياة الخضر وأنه أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- ومع ذلك لم يتعلم منه شريعته -صلى الله عليه وسلم-، ولا من صحابته الكرام -رضي الله عنهم-، كعلي وزيد وأُبي ومعاذ، ولا من عظماء التابعين كالفقهاء السبعة، وسعيد بن المسيب، وعطاء، والحسن، ومكحول، ثم يؤخر طلب العلم قرنًا ونصف قرن كي يتلقاه على يد إمام مجتهد يصيب ويخطئ، حتى خالفه صاحبه في أكثر من ثلث أقواله، ويُعرض عن المعصوم -صلى الله عليه وسلم-، ولا شك أن هذه الأكاذيب والافتراءات لا يرضاها أبو حنيفة نفسه -رحمه اللَّه تعالى-.