والضُّلَّال من أهل القِبلة يرون من يعظمونه، إما النبي -صلى الله عليه وسلم- وإما غيره من الأنبياء يقظة، ويخاطبهم ويخاطبونه، وقد يستفتونه ويسألونه عن أحاديث فيجيبهم، ومنهم من يخيل إليه أن الحجرة قد انشقت، وخرج منها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعانقه هو وصاحباه ...
وأعرف ممن وقع له هذا وأشباهه عددًا كثيرًا، وقد حدثني بما وقع له في ذلك، وبما أخبر به غيره من الصادقين من يطول هذا الموضع بذكرهم ... لكنْ كثير من الناس يكذِّب بهذا، وكثير منهم إذا صدَّق به يظن أنه من الآيات الإلهية، وأن الذي رأى ذلك رآه لصلاحه ودينه، ولم يعلم أنه من الشيطان، وأنه بحسب قلة علم الرجل يضله الشيطان" [1].
التنبيه الثَّالثُ: "لو فرضنا جدلًا أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يمكن أن يعود بجسده الشريف أو روحه الطاهر- صلى اللَّه عليه وسلم- ليلقى بعض المسلمين، فإننا نجزم أن لقاءه هذا سيكون لتعزيز شريعته التي بثها في حياته لا لهدمها، فنتصور مثلًا في مثل التجاني أن يقول: (لا تكن أنت وأتباعك عبيدًا للاستعمار الفَرَنْسِيِّ ولا خدمًا للكفار، وقوموا بنصرة الدين، وجاهدوا في سبيل اللَّه).
وأما أن يأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- ليقول للتجاني: (أقطعتُكَ الجنة وأتباعك -ولو كانوا مجرمين فاسقين- وكل من رآك دخل الجنة، ولو كان كافرًا، وأمُرْ أتباعك أن يَدْعوك من دون اللَّه، ويشركوا بالله في كل شىء ... ) إلخ كلامه" [2].
الرَّابعُ: يدعي التجانية أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يؤمر بتبليغ كل ما علمه، وأن ما لم يُبَلِّغْهُ في حياته يبلغه بعد وفاته لمن يلقاه من الخواص، قال
(1) "مجموع الفتاوى" (27/ 390 - 392) بتصرف.
(2) "الفكر الصوفي" ص (360).