* المناقشة:
هذا الدليل مردود من وجهين:
1 - أن اللَّه -سبحانه وتعالى- حينما بعث نبيه -صلى الله عليه وسلم- أنزل عليه القرآن، وآتاه الحكمة؛ فحدَّ الحدود، وبيَّن الشرائع والأحكام، فما دلت الشريعة المطهرة على إثباته أثبتناه، وما دلت على نفيه نفيناه، وما اختُلِفَ فيه رُدَّ إلى كتاب اللَّه وسنَّة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ هما المرجع في هذا الباب؛ قال اللَّه -سبحانه وتعالى-: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية [النساء: 59]، ولم يمت النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا وقد أكمل اللَّه به الدين، وأتم به على عباده النعمة؛ كما قال عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
ولم يرد في القرآن شيء يدل على رؤية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقظة بعد موته في الدنيا، وكذلك لم يرو شيء في السنَّة المطهرة، وأما الحديث السابق فقد بيَّنَّا آنفًا بطلان الاستدلال به على رؤيته -صلى اللَّه عليه وسلم- يقظة بعد موته، ووجه الحق فيه، واللَّه أعلم.
2 - إن اللَّه -تَعَالَى- قد حفظ كتابه، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، وقد عصم اللَّه نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا يُبَلِّغ عن ربه إلا الحق: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4].
وكلام العلماء يُؤْخَذُ منه وُيرَدُّ، مهما بلغت منزلتهم علمًا وتقوى وورعًا، فهم مقيدون بالكتاب والسنَّة؛ إذ هما المِحَكُّ؛ فما وافقهما قُبِلَ، وما خالفهما رُدَّ، وعبارات العلماء في هذا المعنى كثيرة.
(1) "المنقذ من الضلال" ص (31)، وانظر: "أبو حامد الغزالي والتصوف" للشيخ عبد الرحمن دمشقية (159 - 178).