كانت أعمالها في الجسم الأول لا ترفعها إلى مراتب التقديس في أعلى عليين، ولا تنزل بها إلى أسفل سافلين في العالم الثالث وهو عالم جهنم، وهذا العالم يكون لمرتكب الخطايا الواقعين في الذنوب، وليس هناك جهنم واحدة، بل لكل أصحاب ذنب جهنم خاصة بهم؛ فالمدعون على غيرهم حقوق كاذبة، وشهود الزور لهم جهنم خاصة بهم، وسافك الدم وغاصب حقوق الناس، والمغير عليهم وقاتل البقر لهم جهنم خاصة بهم.
وقاتل البرهمي وسارق الذهب ومن صحب الأمراء الذي لا ينظرون إلى رعاياهم لهم جهنم خاصة، والذي يرد قول أستاذه ولا يرضاه، ويستخف بالناس ويستهين بالكتب المقدسة، أو يكتسب بها في الأسواق له جهنم أيضًا خاصة، وهكذا لكل صنف من الآثمين جهنم بمقدار يتناسب مع ذنبه، ومقدار ما فيه من فسوق، ومقدار ما فيهم من فسوق عن الدين وخروج من حظيرته. ثم هل جهنم دائمة وكذلك الجنة؟
منهم من يرى أن الجنة نزلها دائم، وأن الجحيم كذلك، وأنها لا الجنة ولا الجحيم أبدًا، على مقدار ما قدم الشخص من عمل؛ فإن كان العمل في الحياة لا يرفع إلى الجنة، ولا ينزل إلى الجحيم، أعيدت الروح إلى جسم آخر لتعمل ما يعليها أو يرديها، ومنهم من يرى أن طريق الاكتساب هي الإنسانية وحدها، وأن التردد فيها مكافأة قاصرة عن درجة الثواب والعقاب الأخروي، أما الجنة؛ فإنها في علوها تكون للنعيم الذي يستحقه من قدم عملًا حسنًا؛ ويكون البقاء فيها إلى أمد محدود.
وإذا كان العمل الإنساني أثمًا وخطيئة تردت روح الشخص في الحيوان والنبات، وعقابًا لها على ما اجترحت من سيئات وقدمت من خطايا. وبقيت في ذلك أبدًا