ميت قبل، وأنهم طلبوا موضعًا كذلك فأعياهم؛ حتى وجدوا صخرة من البحر ناتئة؛ فظنوا أنهم ظفروا بالبغية، فقال لهم "باسيدو": إن هذا الملك أحرق على هذه الصخرة مرات كثيرة؛ فافعلوا ما تريدون؛ فإنما قصد إعلامهم وقد قضيت حاجتهم.
ويقول الإمام محمد أبو زهرة: من عادات الهنود الدينية أن أجسامهم أكبارهم تحرق بعد الموت، وذلك لأنّ النار في اشتعالها تعلو شعلاتها إلى أعلى بخط عمودي على أفق الأرض، والعامود أقرب المستقيمات من السطوح والخطوط، ولذا تتجه الروح بهذا الاحتراق إلى أعلى، سائرة باتجاه عامودي فتصعد إلى السماء في الملكوت الأعلى في أقرب زمن، هذا سبب من أسباب حرق أجسام كبرائهم بعد موتهم، وهناك سبب آخر هو أن في الاحتراق تخليصًا للروح من غلاف الجسم تخليصًا تامًّا، وذلك أن في الجسم نقطة بها يكون الإنسان وهي متئشبه بالجسم متصلة به.
فَلا تَخْلُص منه إلا باحتراق أمشاجه، وصيرورتها ذرات صغيرة بالاحتراق؛ فعندئذ تتخلص تلك النقطة، وهي معنى الإنسان، وبتخلصها تتخلص الروح من الجسم، وتعلو عنه لتتصل بجسم آخر، أو لتسمو لدرجة الملائكة، إن كانت قد وصلت إلى درجة الخلاص، وإذا تخلصت الروح من الجسم كان أمامها ثلاثة عوالم:
أولها: العالم الأعلى وهو الملائكة، تصعد إليه الروح إن كانت بعملها تستأهل الصعود إليه، والخلاص من الجسم، والسمو إلى الملكوت الأعلى.
والعالم الثاني: عالم الناس، وهو عالمنا الحاضر معشر الآدميين، والنفس تعود إليه بالحلول في جسم إنساني آخر؛ لتكتسب عمل خير، ولتتجنب عمل شر، إذا