إلى جسم تستفيد من كل جسم علمًا جديدًا بجزئيات لم تكن تعلمها؛ فليس من المعقول أن تحيط بكل الجزئيات علمًا؛ ببقائها أمدًا قصيرًا في جسم واحد، ولذلك احتاجات إلى تتبع الجزئيات، واستقراء الممكنات، وإن كانت متناهية عددها كثير، والإتيان على الكثرة وإحصاؤها علم يحتاج إلى فسحة في الأمد، ولذلك لا يحصل ذلك العلم للنفس إلا بمشاهدة الأشخاص والأنواع، وما يتناوبها من الأفعال والأحوال؛ حتى يحصل لها في كل واحد تجربة، وتستفيد بها جديدًا في المعرفة.
لهذا كله كانت الأرواح تنتقل في الأجسام، وتنتقل متدرجة في الرقي من جسم إلى جسم، حتى تصل إلى الكمال المطلق، وتكون في صف الروحانيات المتجردة، وهي الملائكة، وتكون غير محجوبة عن التصرف في السماوات والأرض وتدبير الكون، وإذا كانت الروح قد ارتكبت خطايا في أثناء حلولها في أحد الأجسام أركست في حيوان دون الذي كانت فيه؛ لتكفر عن خطيئاتها، وتطهر من سيئاتها، ثم تسير قدمًا إلى الرقي، لا يعوقها عن بلوغ أوجه إلا خطايا تتأثم بها ثم تتطهر، وتستمر كذلك حتى تصل إلى الملكوت الأعلى مع الملائكة في أعلى عليين، وتتجرد من الغلاف الجسمي، وقد يكون تدرجها في أدنى؛ فتهوى إلى جهنم على حسب الأقوال عندهم.
ولعقيدة التناسخ التي استولت على الفكر الهندي، وأثرت فيه كانوا يعتقدون أن الروح الواحدة، تحل في عدة من الأجسام، وأن الشخص قد تكون روحه قد حلت في مئات الأجسام قبله، يحكي البيروني عن ملك من ملوكهم أنه رسم لقومه أن يحرقوا جثته بعد موته في موضع لم يحرق فيه