حتى تتطهر مما اجترحت، وليست جهنم إلا هذا التردي عند هؤلاء فالجنة والجحيم ليستا أبديتين عند هؤلاء، بل هما مؤقتتان بهذا التأقيت وبعدها تصعد الروح درجة إلى العالم العلوي أو تنزل إلى مرتبة الإنسانية، وكلا الرأيين يسيرُ على مناهج تناسخ الأرواح، وإن اختلفت أنظارهم فيه، ومهما يكن من خلاف في هذا المقام؛ فالمُتّفق عليه أن البعث في العالم الأخروي إنما هو للأرواح لا للأجساد؛ فالروح أما في روح وريحان، وأما في شقوة وجحيم على نحو ما بينا.
وعن فكرة الخلاص من الشر أيضًا يقول الدكتور طلعت أبو سيف في كتابه (أضواء على مقارنة الأديان): وروح كل شيء تعود في نهاية المطاف إلى مصدرها الأول الذي نشأت منه، وهو الإله والإنسان أحد الكائنات له ما يعرض لها، وروحه قطرة من نور الله، انفصلت عن الله أجلًا محدودًا، واتصلت به ثم تتصل بعده بكائن آخر وآخر، وهكذا ثم في النهاية تعود إلى الله متى جاء الأجل، وذلك عندما تتوقف الميول والشهوات وينقلب الإنسان على نفسه، ويتخلص عندئذ من تكرار المولد ويمتزج بالإله، وهذا هو الهدف الأسمى للحياة عند الديانة الهندوسية إذ يتحرر الإنسان من رق الأهواء، وتنعدم حقيقة الحواس ويتحد بالإله.
ويقول الدكتور رءوف شلبي في كتابه (الأديان القديمة في الشرق) والذي كان يسمى بـ (آلهة في الأسواق) في طبعة سابقة، عن مسألة الروح كما يَدينُ بها البَراهمة أو كما هي في الديانة الهندوسية يقول: "لقد أودع الإله في كل امرئ نفسًا تُسمى عندهم آتما، وهذه النفس في البدن بمنزلة السائق من العربة؛ فكل الحواس لا يمكن أن تؤدي وظائفها إذا لم تكن "آتما" وهي النفس صاحبة القيادة والإرادة،