وفي الآية الكريمة أبلغ رد على صاحب المقال الذي قد بذل جهده في تأييد بدعتي المأتم والمولد والدفاع عنهما.
البرهان التاسع: قوله تعالى في سورة النساء: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً} قال ابن كثير في قوله تعالى: {فردوه إلى الله والرسول} قال مجاهد وغير واحد من السلف أي إلى كتاب الله وسنة رسوله. وهذا أمر من الله عز وجل بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة كما قال تعالى: {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله} فما حكم به الكتاب والسنة وشهدا له بالصحة فهو الحق, وماذا بعد الحق إلا الضلال, ولهذا قال تعالى: {إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} أي ردوا الخصومات والجهالات إلى كتاب الله وسنة رسوله فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم {إن كنت تؤمنون بالله واليوم الآخر} فدل على أن من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة ولا يرجع إليهما في ذلك فليس مؤمناً بالله ولا باليوم الآخر. وقوله: {ذلك خير} أي التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله والرجوع إليهما في فصل النزاع خيرا {وأحسن تأويلاً} أي أحسن عاقبة ومآلاً كما قاله السدي وغير واحد انتهى.
وقال البغوي في تفسيره قوله عز وجل: {فإن تنازعتم} أي اختلفتم {في شيء} من أمر دينكم, والتنازع اختلاف الآراء {فردوه إلى الله والرسول} أي إلى كتاب الله وإلى رسوله ما دام حياً وبعد وفاته إلى سنته, والرد إلى الكتاب والسنة واجب إن وجد فيهما فإن لم يوجد فسبيله الاجتهاد انتهى.