وروى ابن جرير عن مجاهد في قوله: {فردوه إلى الله والرسول} قال: إلى الله إلى كتابه وإلى الرسول إلى سنة نبيه, وروى أيضاً عن ميمون بن مهران وقتادة نحو ذلك.
وإذا عرض المسلم الخالي من اتباع الهوى إقامة الولائم في المآتم واتخاذ ليلة المولد النبوي عيداً على كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وجد كلاً من هاتين البدعتين مخالفاً للكتاب والسنة, فأما مخالفتهما للكتاب فإن الله تعالى قد أمر عباده باتباع ما أنزله في كتابه ونهاهم عن اتباعهم الأولياء من دونه فقال تعالى: {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء} الآية, وليست بدعة المأتم وبدعة المولد مما أنزله الله في كتابه وإنما هما من المحدثات بعد القرون الثلاثة المفضلة فيكون النهي في الآية الكريمة شاملاً لهما, وقد تقدم بيان ذلك في البرهان الأول, وجميع البراهين التي تقدم ذكرها تدل على أنهما داخلتان في عموم ما نهى الله عن اتباعه.
وأما مخالفتهما للسنة فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر أمته بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين وحذرهم من محدثات الأمور وبالغ في التحذير منها وأخبرهم أنها شر الأمور وأن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. وأمرهم برد المحدثات والأعمال التي ليس عليها أمره, وكلٌّ من إقامة الولائم في المآتم واتخاذ ليلة المولد النبوي عيداً داخل فيما حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - منه وأمر برده ومن توقف في هذا فلا يخلو من أحد أمرين, إما الجهل بدخول بدعتي المأتم والمولد في عمومات الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التحذير من المحدثات والأمر بردها, وإما المكابرة في رد الأحاديث الواردة في ذم البدع والتحذير منها من أجل