وحفلات المآتم, ألم يقل الرسول مرة إثر نقاش بينه وبين أصحابه «أنتم أدرى بأمور دنياكم» أو كما قال.
والجواب عن هذا من وجوه أحدها: أن يقال إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر أمته أن يتمسكوا بسنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده وحذرهم من محدثات الأمور وأمرهم بردها ونص على أنها شر وضلالة, وقد تقدم تخريج هذه الأحاديث الصحيحة في البرهان السادس عشر والبراهين الثلاثة بعده [1] فلتراجع ففيها أوضح دليل على أن جميع الأعمال التي ليست من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا من سنة الخلفاء الراشدين المهديين ولم يكن عليها أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم فهي من البدع التي يجب ردها والمنع منها. وعلى هذا فإن المنكرين لمحدثات الأمور لا ينطبق عليهم القول بأنهم قد شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله كما قد توهم ذلك صاحب المقال الباطل, ولا ينطبق عليهم ما جاء في قول الله تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام} وإنما ينطبق ذلك على أهل البدع فهم الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله, وهم الذين افتروا الكذب بما ابتدعوه واستحسنوه من الأعمال التي لم يأمر الله بها ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم -. ويشاركهم في أعمالهم السيئة وصفاتهم الذميمة كل من سعى في تأييد البدع وأمور أهل الجاهلية وبذل جهده في إظهار العمل بها في بلاد المسلمين كما قد فعل ذلك الكاتب المفتون بالبدع وأشباه له كثيرون في بلده وغير بلده.
الوجه الثاني: أن يقال إن الكاتب المفتون قد زعم أن إنكار الاحتفال بالمولد النبوي وحفلات المآتم والقول بتحريمها من الشرع في [1] ص: 65 - 67.