الدين بما لم يأذن به الله ومما يدخل في قول الله تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام} وهذا من قلب الحقيقة وعكس القضية, وإنه لينطبق على الكاتب قول الله تعالى: {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون}. ولا يخفى على من له أدنى علم ومعرفة أن عموم الأحاديث الواردة في التحذير من البدع والأمر بردها يشمل الاحتفال بالمولد النبوي وحفلات المآتم بطريق الأولى لأن الاحتفال بالمولد النبوي قد جعله الجهال عيداً مضاهياً للأعياد المشروعة للمسلمين, بل إنهم يحتفلون بالمولد أعظم مما يحتفلون بالأعياد المشروعة للمسلمين, وأما حفلات المآتم فإنها من أمور أهل الجاهلية وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من تشبه بقوم فهو منهم» وهي أيضاً من النياحة كما جاء ذلك في النص الثابت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن غيره من الصحابة رضي الله عنهم. وقد تقدم ذلك في حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه فليراجع [1] وليراجع كلام العلماء في ذم حفلات المآتم وقول بعضهم إنها بدعة مستقبحة وأنها قلب للمعقول لأن الضيافة إنما تكون للسرور لا للحزن, وما كان بهذه الصفة الذميمة فإنه لا يشك المسلم العاقل في تحريمه.
الوجه الثالث: أن يقال إن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنتم أعلم بأمر دنياكم» إنما هو وارد في تأبير النخل وذلك من الأمور الدنيوية التي ليس لها تعلق بشيء من أمور الدين وليست داخلة في المحدثات التي حذر منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر بردها, [1] ص: 81 - 86.