ويرى غوستاف لوبون - كغيره من النقاد العقليين -أن شعائر النصرانية- ومنها العشاء المقدس- بدعة منقولة عن الوثنية الميثرائية [1] ويؤيد هذا الرأي أن بولس (شاؤل اليهودي) كان مثرائياً أو على الأقل متأثراً بالميثرائية التي كان من شعائرها التضحية بالعجل المقدس، [2] ولذلك نرى أن بولس يكثر في رسائله من الحديث عن جسد المسيح وحلوله في أتباعه، ويورد في الإصحاح الحادي عشر من رسالته الأولى إلى أهل كورنثيوس، [3] ما يشبه كلام متى السابق مع زيادة أن ذلك كان في الليلة التي أسلم فيها المسيح، على أن علم الاجتماع يرجع فكرة العشاء الرباني إلى أصل قديم هو النظام الذي يعرف في اصطلاحهم باسم الطوطمية (وهو نظام معقد غامض يحوي فيما يحوي قيام علاقة قرابة وصلة بين القبيلة، والطوطم الذي يكون حيواناً أو نباتاً يحرم بموجبها صيده وتناوله إلا في مناسبات شعائريه معينة لكي يكتسب الآكلون صفات مرغوبة يتوهمونها في الطوطم، ويعتقدون أنه يجرى دمه في عروقهم بتناوله في هذه المناسبات (4)
وعلى أية حال، فقد كان المسيحيون الأوائل يقيمون وليمة تذكارية في عيد الفصح قوامها الخبز والخمر اللذان يرمزان إلى جسد ودم المسيح، وذلك إحياء لذكرى موته، كما أوصى حسب رواية بولس (اصنعوا هذا لذكري).
وقد كان كافياً أن تقف البدعة عند هذا الحد لولا أن الكنيسة جرياً على عادتها في التحريف وسوء الفهم والخلط بين الحقيقة والمجاز، أضافت إلى ذلك العقيدة المعروفة بعقيدة التحول أو الاستحالة، وهى [1] حياة الحقائق: (65). [2] انظر: معالم تاريخ الإنسانية: فصل (مبادئ اضيفت إلى تعاليم يسوع) (ج:3). [3] (24 - 30).
(4) انظر: الغصن الذهبى: (123، 136).