ونستطيع أن نقول: إن الكنيسة تعمد إلى تبرير كل طقس من طقوسها يأباه العقل وتنفر منه النفوس بأنه (سر إلهي)، فكلمة (سر) كانت ثوباً فضفاضاً يستر كل نقائصها ومخازيها، وسلاحاً فورياً يقاوم كل اعتراض عليها.
وقد سبق الكلام عن سر التثليث، أما أسرار الطقوس فلنكتف منها بمناقشة سر واحد هو (سر العشاء الرباني) ليكون نموذجاً لبقيتها.
العشاء الرباني:
العشاء الرباني هو أهم عمل في الطقوس المسيحية، ويسمى أيضاً (القربان المقدس)، وقد ورد أصل مشروعيته في إنجيل متى كما يلي: "وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ، وقال: خذوا كلوا، هذا هو جسدي، وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً: اشربوا منها كلكم، لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا" [1].
أما إنجيل يوحنا فلا يتعرض لعشاء بعينه لكنه يذكر في الإصحاح السادس أن اليهود طلبوا من المسيح آية لهم كالخبز الذي أنزله الله على أجدادهم فقال لهم المسيح: "أنا هو خبز الحياة، من يقبل إليَّ فلا يجوع، ومن يؤمن بي فلا يعطش أبداً"، ولما رأى دهشة اليهود من ذلك أكده بقوله: "الحق الحق أقول لكم: إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم، من يأكل جسدي ويشرب دمى فله حياة أبدية، وأنا أقيمه في اليوم الأخير، لأن جسدي مأكل حق، ودمي مشرب حق، من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه" [2]. [1] (26: 27 - 29). [2] (36: 54 - 57).