وبذلك تتبين خطورة الادعاءات الزائفة الخادعة بأن الاسلام دين عبادة بمعنى أنه رابطة روحية بين الإنسان وربه، لا صلة لها بحركة الإنسان في الحياة فرداً أو مجموعاً، تلك الادعاءات التي تلغي الإسلام من أساسه، وتهدم العبادة من أصلها، ولا تتورع مع ذلك أن تمن على الله أنها أعطته جزءاً من كيان الإنسان وحركته - اللذين لا يقبلان التجزؤ أصلاً - جزءاً يسميه أدعياؤها الروح في مقابل إعطاء المادة للشيطان، أو الفترة الروحية في مقابل إعطاء العمر كله للشيطان، هذا والله تعالى يقول لهم: {أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه}.
إن هؤلاء بتقسيماتهم العوجاء لا يضرون الله شيئاً - سبحانه هو الغني الحميد، ولكنهم ينزلون بأنفسهم وبالبشرية من ورائهم أفدح الخسارة وأوخم العاقبة.
لنسمع ما يقوله أحد أولئك الأدعياء (وهو وإن كان غير مسلم، فإن كثيراً ممن يحسبون أنفسهم مسلمين يؤمنون بما يقول، لكنهم قد يواربون ويلبسون):
"لو كان المتفقهون يعنون بالروحانية (يقصد الدين) أن وراء هذه الحياة قوة غير منظورة هي مصدر كل حياة، وأن هذه القوة لا يحدها زمان ولا مكان، وهي التي تلهم الإنسان المحبة والصلاح والخير ...
وبكلمة أخرى لو كانت الروحانية لا تتعدى العلاقة بين الإنسان والله، ولا تتدخل في شئون الإنسان الحياتية في دنياه، وتحصر تدخلها في شئونه فيما بعد الحياة، فليس من شأن أحد وإن لم يكن