ولقد صور الأسلوب القرآنى هذه الحالة أبلغ تصوير:
((ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ)) [الزمر:29]
وهذا يصدق على كل من تلقى عن غير الله حتى وإن ادعى الإسلام، يقول الدكتور عماد الدين خليل:
"إن الإنسان الذي يؤمن بالإسلام ذلك الإيمان المبتور المشوه سرعان ما يجد أمامه هوة سحيقة تمنعه من الاندماج والتعامل الصحيح مع هذا الدين، ذلك أنه محا الإيمان - في قرارة نفسه - من بعض عناصر ومقومات الإسلام، وأكده في عناصر ومقومات أخرى، وهو بعمله هذا لم ينل من وحدة الإسلام الدائم شيئاً، ولكنه وجه ضرباته إلى صميم الكيان الإنساني وإلى وحدة الذات الإنسانية؛ ذلك أنه سيجد نفسه مضطراً إلى الاستعاضة عن العناصر والقيم التي رفضها بعناصر وقيم أخرى، يجيء بها من هنا وهناك، ويرصها رصاً، عناصر لا تمتلك - بمجموعها- توحد القيم الإسلامية وتكاملها؛ لأنها لم تنبثق عن تصوره الأصيل، ثم هي -فيما بينها- تعاني تناقضاً محزناً لأن كل عنصر أو كل مجموعة من القيم جيء بها من تصور فرد من الأفراد، إنسان من ملايين الناس، وما هي في الحقيقة سوى نتاج ردود فعل نفسية وفكرية لهؤلاء الأفراد مع واقع معين بأمدائه المحدودة بحدود الزمان والمكان، ومن ثم سيتشتت هذا الإنسان (الآخذ) وسيضيع، إنه آمن بوحدة عقائدية متكاملة ظاهراً، لكنه -في حقيقته- تكامل زائف، لأنه سعى إلى رص عناصر لا انسجام فيما بينها ولا تآلف في تركيبها، وحاول -جهلاً وعناداً- أن يجعل منها منهجاً موحداً لحياة موحدة لا تقبل التجزئة" [1]. [1] تهافت العلمانية: (62 - 63).