وحدة إيجابية تامة في نفسها، والله تعالى (وحده) لا في جوهره فحسب، بل في الغاية إليه أيضاً، من أجل ذلك كان خلقه وحدة ربما في جوهره إلا أنه وحدة في الغاية منه بكل تأكيد.
وعبادة الله في أوسع معانيها - كما شرحنا آنفاً - تؤلف من الإسلام معنى الحياة الإنسانية، هذا الإدراك وحده يرينا إمكان بلوغ الإنسان الكمال في إطار حياته الدنيوية الفردية ... " [1].
إن الإنسان -كما قررنا سلفاً- عبد بفطرته وطبيعته سواء أكان من سكان الأحراش أو ناطحات السحاب، وكون العبودية صفة ذاتية ملازمة له يحتم عليه أن يسير وفق إرادة معبود ما، إما الله تعالى وإما سواه، غير أنه لما كان لا يمكن أن يستغني عن الله بحال، وأن يخرج عن نواميس الله الكونية مهما بلغ من الكفر والجحود، فإنه ليس أمامه سوى أحد احتمالين:
1 - أن يسير وفق منهج الله تعالى؛ وبذلك يتلاءم ويتناسق مع الكون ومع نفسه ومع نواميس الله الثابتة، فيصير وحدة واحدة متجهة إلى الله في طريق واحد.
2 - أن يختار غير طريق الله، وهذا لا يجعله خالصاً لغير الله على الإطلاق مهما كابر وألحد؛ ذلك أن جوانبه غير الإرادية - على الأقل - لا يمكن أن تنفصل بحال عن السير وفق سنن الله ونواميسه.
ونتيجة ذلك أن من اختار غير طريق الله لا يعدو أن يكون قد حكم على نفسه بالتمزيق والتشتت والتصادم، اللهم إلا لو استطاع أن ينفذ من كون الله ويتحدى سننه وهو أبعد المحال. [1] الإسلام على مفترق الطرق: (23 - 25).