إن هذا هو ما أدركه المخطط اليهودي الصليبي كما سبق في وصية زويمر فقد يئس المخطط من إخراج المسلمين عن أصل دينهم إلى المذاهب الإلحادية والمادية، فلجأ -بعد التفكير والتدبير- إلى ما هو أخبث وأخطر، لجأ إلى اصطناع أنظمة تحكم بغير ما أنزل الله، وفى الوقت نفسه هي تدعي الإسلام، وتظهر احترام العقيدة، فقتلوا إحساس الجماهير، وضمنوا ولاءها، وخدروا ضميرها، ثم انطلقوا يهدمون شريعة الله في مأمن من انتفاضتها، ولذلك لا يجرؤ أرباب هذه الأنظمة على التصريح بأنهم ملحدون أو لا دينيون بينما يصرحون - مفتخرين - بأنهم (ديموقراطيون) مثلاً.
هذا مع أن الطريق واحدة، والنهاية حتماً ستكون واحدة غير أن الصورة لم تكتمل بعد [1].
وهناك شبه أو علة أخرى أصبحت (تقليدية) لكثرة ما رددها الببغاوات، وهي أن الشريعة ثابتة والحياة متطورة، والثابت لا يفي بمتطلبات المتطور، ومن ثم كان لابد من إيجاد مصدر آخر للتشريع، يعتمد على العلم العصري والتجارب الإنسانية مع الاحتفاظ للدين بدائرة التوجيه الروحي للأفراد، وهذا هو حال العلمانية!
وهذه الشبهة -التي أطلقها أول ما أُطلقت أعداء الإسلام الحاقدون- لا يطرحها إنسان عرف الله حق معرفته، وقدره حق قدره، فإنها تعني بداهة اتهامه -تعالى عن ذلك علواً كبيراً- بالجهل والقصور، والموقف الواجب اتخاذه حيال قائلها هو قبل كل شيء دعوته إلى الإيمان وتعريفه بقدر الله تعالى. [1] انظر: في ظلال القرآن: (3/ 121) فما بعدها.