لكننا سنقطع النظر عن هذا، ونفترض ورودها من إنسان يريد التثبت من دينه، وحينئذ نقول: إن هذه الشبهة لا تستحق أن تكون موضع نظر إلا إذا سلمنا بثبوت طرفيها وهما:
1 - إن الشريعة ثابتة بمعنى: أنها أحكام جامدة لا تقبل المرونة، محدودة لا تقبل التوسع.
2 - إن الحياة البشرية متطورة بمعنى: أنها لا شيء فيها ثابت على الإطلاق.
والواقع أن كلا الافتراضين خاطئ تماماً، وأن مصدر هذه الشبهة إنما هي اللوثة التي أصابت أوروبا، فانتقلت من الإيمان بالثبات المطلق إلى التطور المطلق، حتى حسبت كل تغير تطوراً وهو ما سبق الحديث عنه في الباب الثاني.
إن التصور الإسلامي لا يقر الثبات المطلق، ولا يؤمن بالتطور المطلق، بل ينفرد باعتبار قانون سير الحياة هو (الحركة داخل إطار ثابت حول محور ثابت)، [1] وهي ميزة ما كانت لتكون لولا أنه من عند الله.
ونتيجة لذلك جاءت الشريعة حاكمة لكلا طرفي الحياة البشرية: (الثابت والمتغير) في إطار عام لا يشذ عنه شيء منهما.
ولقد كان سلف الأمة يعون حقيقة تغير الحياة وتطورها تمام الوعي.
نتبين ذلك من قولة عمر بن عبد العزيز المشهورة: [[يجد للناس من الأقضية بقدر ما أحدثوا من فجور]].
ونتبينها من عدول الشافعي -حين انتقل إلى مصر- عن كثير [1] انظر فصل (الثبات) من كتاب خصائص التصور الإسلامي: (86).