لا سيما في تلك الفترة الحرجة التي تتميز بغبش الرؤية واختلاط المفهومات.
ويليها في الخطورة فتواه حول إباحة الربا بطريق صناديق التوفير معتمداً - كما يرى العقاد - على مفهوم الآية من أنه لا يحرم من الربا إلا الأضعاف المضاعفة!
وأخيراً فإن الشيخ - بقصد أو بدون قصد - قد أوجد القاعدة التي ارتكز عليها من يسمون دعاة الإصلاح [1] للتعلق بأذيال الغرب وإقصاء الإسلام عن توجيه الحياة، إذ ظلوا ينقضون عرى الإسلام عروة عروة، حتى أن المعركة الآن أصبحت تدور ضد قانون الأحوال الشخصية، وهو البقية الضئيلة من آثار الشريعة الإسلامية والميزة الاجتماعية التي تميز المسلم من غيره.
لم يكن محمد عبده علمانياً، ولكن أفكاره تمثل بلا شك حلقة وصل بين العلمانية الأوروبية والعالم الإسلامي، ومن ثم فقد باركها المخطط اليهودي الصليبي، واتخذها جسراً عبر عليه إلى علمانية التعليم والتوجيه في العالم الإسلامي وتنحية الدين عن الحياة الاجتماعية بالإضافة إلى إبطال العمل بالشريعة والتحاكم إلى القوانين الجاهلية المستوردة، واستيراد النظريات الاجتماعية الغربية، وهو ما تم جميعه تحت ستار الإصلاح أيضاً [2].
أما الجماهير الإسلامية فقد اتخذت أفكار الشيخ الإصلاحية مبرراً نفسياً لتقبلها للتغيير العلماني المتدرج في الدول العربية. [1] من الإنصاف أن نذكر أن الشيخ ندم على طريقته في الإصلاح مفضلاً عليها تطبيق التربية الفردية، انظر: كتاب العقاد والإسلام في القرن العشرين: (147). [2] انظر: حول آثار الفكر الإصلاحي: غازي التوبة: (54) والاتجاهات الوطنية: (1/ 355) وأساليب الغزو الفكري: (201 - 205)، وقول جب عنه (كان تلاميذه الحقيقيون من صفوف العلمانيين) دراسات في حضارة الإسلام: (330).