النظم تزود الطالب ببرامج ثقافية ذات طابع تحرري لا تحصر الطالب في الدراسات الدينية الخاصة (1)
والعجيب حقاً أن محمد عبده لم يكن يرى حرجاً من اقتباس القوانين التشريعية الغربية، ما دام ذلك يحقق (الإصلاح في نظره)، بل يقول العقاد وهو من المعجبين به: إنه علم أن المراجع العربية لهذه القوانين لا تعطيه الإحاطة الواجبة بتلك المبادئ في أصولها المأثورة عند فلاسفة التشريع الغربيين، فشرع في تعلم اللغة الفرنسية [2] كما أن إعجابه بالثقافة الغربية هو الذي جعله يبالغ في انتقاص الأزهر مطلقاً عليه لفظ الإصطبل أو المارستان أو المخروب، ويحاول إصلاحه وإصلاح التعليم كله على الطريقة الغربية ويقول:
إن كان لي حظ من العلم الصحيح ... فإنني لم أحصله إلا بعد أن مكثت عشر سنين أكنس من دماغي ما علق فيه من وساخة الأزهر وهو إلى الآن لم يبلغ ما أريد له من النظافة (3)
لا شك أن الأزهر كان بحاجة إلى الإصلاح، ولكن الإصلاح الذي يريده الإنجليز - ومعهم الشيخ - كان من نوع آخر، لا سيما وأن شبح سليمان الحلبي يهدد كرومر كل حين [4].
وكان من أعظم خطط الإنجليز للقضاء على الشريعة الإسلامية إنشاء مجلس شورى القوانين الذي كانوا يحكمون مصر من خلاله، والذي قدم الشيخ له خدمات جليلة مما دفع المستشار القضائي الإنجليزي إلى رثائه في تقريره عن المحاكم لعام 1905 قائلاً:
(1) الفكر الإسلامي دراسة وتقويم، غازي التوبة: (30). [2] محمد عبده - سلسلة أعلام العرب: (109).
(3) الفكر الإسلامي الحديث، غازي التوبة: (27). [4] انظر (ص:533) من هذا الكتاب.