هذا هو دور كايم، وتلك هي دعاواه التلمودية مغلفة بغلاف العلم والبحث، ومع الأسف فمذهبه أكبر المذاهب الاجتماعية الغربية، ورغم كلاسيكيته لا يزال له أثر عظيم في الدراسات المعاصرة [1].
رابعاً: النظرة الشيوعية للمجتمع والأخلاق:
سبق في فصل الاقتصاد من هذا الباب أن تحدثنا عن المذهب الشيوعي وموقفه من الدين من خلال التفسير المادي للتاريخ، وقد ألمحنا هنالك إلى موقفه من الأخلاق أيضاً، وذلك لأن الشيوعية -كما هو معلوم- تجعل الاقتصاد أساس كل شيء وغايته.
وقد يكون من الضروري هنا التحدث عن النظرة الشيوعية للمجتمع والأخلاق استقلالاً، وإن كانت في واقع النظرية واجهة اقتصادية فحسب:
إن الشيوعية في هدفها لا تختلف عن المدرسة السالفة الذكر فماركس ودور كايم أخوان في اليهودية ونظيران في التصور التلمودي الذي يطمح إلى نسف عقائد وأخلاق الأميين، ولكن كلاً منهما يسلك طريقاً غير طريق صاحبه، وكأني باليهود يخططون لكي يصلوا إلى هذا الغرض من كل منفذ وبأي سبيل، فهم يرسمون للأميين طرائق شتى ويدعون لها الخيار في أن يسلكوا أياً منها، ولكنها كلها -في الحقيقة- روافد تؤدي إلى الهدف نفسه، تدمير الدين والأخلاق.
فنظير العقل الجمعي العشوائي عند دور كايم يختلق ماركس الحتمية التاريخية العمياء، ذاك يفرض جبرية اجتماعية قاهرة، وهذا [1] انظر مثلاً: المجتمع: ماكيفر وزميله: (16 - 17).