له وعمموه في أبحاثهم، دون أن يدرك هؤلاء أو بعضهم الدافع التلمودي الهدام لدى دور كايم لأن يقول به: "إن الناس يفسرون عادة نشأة النظام الأسري بوجود العواطف التي يكنها الآباء للأبناء ويشعر بها الأبناء تجاه الآباء، كما يفسرون نشأة الزواج بالمزايا التي يحققها كل من الزوجين وفروعهما ... ، وليس الأمر على خلاف ذلك فيما يتعلق بالظواهر الخلقية، فإن الأخلاقيين يتخذون واجبات المرء نحو نفسه أساساً للأخلاق، وكذا الأمر فيما يتعلق بالدين، فإن الناس يرون أنه وليد الخواطر التي تثيرها القوى الطبيعية الكبرى أو بعض الشخصيات الفذة لدى الإنسان ... إلخ ولكن ليس من الممكن تطبيق هذه الطريقة على الظواهر الاجتماعية اللهم إلا إذا أردنا تشويه طبيعتها" [1].
((ومن هذا القبيل أن بعض هؤلاء العلماء يقولون بوجود عاطفة دينية فطرية لدى الإنسان، وأن هذا الأخير مزود بحد أدني من الغيرة الجنسية والبر بالوالدين وصحبة الأبناء وغير ذلك من العواطف، وقد أراد بعضهم تفسير نشأة كل من الدين والزواج والأسرة على هذا النحو ولكن التاريخ [2] يوقفنا على أن هذه النزعات ليست فطرية في الإنسان، وعلى أنها قد لا توجد جملة في بعض الظروف الاجتماعية الخاصة، ولذا فهذه العواطف المثالية نتيجة للحياة الاجتماعية، وليس أساساً لها أضف إلى ذلك أنه لم يقم برهان قط على أن الميل للاجتماع كان غريزة وراثية وجدت لدى الجنس البشري منذ نشأته، وأنه من الطبيعي جداً أن ينظر إلى هذا الميل على أنه نتيجة للحياة الاجتماعية التي تشربت بها نفوسنا على مر العصور)) [3]. [1] المصدر السابق: (209 - 210). [2] أتصلح هذه الكلمة العامة دليلاً علمياً في مسألة خطرة كهذه، أم أنها شهوة الهدم اليهودي المتستر؟. [3] قواعد المنهج في علم الاجتماع: (219).