يفرض جبرية اقتصادية قاهرة كذلك، ويتفق الإثنان في أن المجتمع (يتطور) وأن الأخلاق كذلك تتطور، وأن لا شيء من القيم والمثل ثابت إطلاقاً، كما يتفقان في النظرة الحيوانية للإنسان فهو إما حيوان اجتماعى أو حيوان اقتصادي، واتفاقهما هنا ليس غريباً بعد أن عرفنا أن الداروينية من أمضى الأسلحة التي استغلها اليهود بمكر ودهاء.
ومعلوم ما تقوله الشيوعية من أن (الدين أفيون الشعوب)، وأنه (الانعكاس الخيالى للأشياء البشرية في دماغ الإنسان) وأنه نابع أصلاً من (أساس اقتصاد سلبي) وأن الإله ما هو إلا (تشخيص للقوى الطبيعية التي تؤثر على طعام الإنسان) إلى آخر هذه السلسلة من الهراء والزيف التي تقوم على الوهم الكاذب والخيال الخاطئ، ولا تعبر عن حقيقة إلا عن العداوة الحاقدة للدين.
إذا عرفنا ذلك فما نظرة الشيوعية إلى المجتمع والأخلاق؟
(يلاحظ بوخارين في كتابه (نظرية المادية التاريخية) أنه ينبغى دون شك التحرز من جعل الشعور الجمعي حقيقة غيبية، لكن هذا التعبير يشير مع ذلك إلى ظاهرتين يمكن ملاحظتهما دائماً في كل مكان:
1 - أن هناك في كل عصر اتجاهاً سائداً في الأفكار والعواطف والحالات النفسية، أي: سيكلوجية سائدة تلون الحياة الاجتماعية بأكملها.
2 - إن هذه السيكلوجية السائدة تتغير تبعاً لتغير طابع العصر، ومعنى ذلك في لغتنا أنها تتغير تبعاً لظروف التطور الاجتماعي، ويفسر المؤلف ذلك بأنه في الواقع توجد خصائص سيكلوجية عامة تتصف بها جميع طبقات المجتمع.