وروي عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة بإسناد حسن عن محمد بن كعب القرظي قال: نزلت هذه الآية {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} في أهل القدر، وفي رواية قال: نزلت تعييرا لأهل القدر {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} وقد رواه ابن جرير وأبو بكر الآجري في كتاب الشريعة من طرق عن محمد بن كعب القرظي.
وروى ابن جرير أيضا بإسناد صحيح على شرط الشيخين عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: لما نزلت هذه الآية {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} قال رجل: يا رسول الله ففيم العمل أفي شيء نستأنفه أو في شيء قد فرغ منه؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له، سنيسره لليسرى، وسنيسره للعسرى».
قال ابن جرير وقوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} يقول تعالى ذكره: أنا خلقنا كل شيء بمقدار قدرناه وقضيناه، وفي هذا بيان أن الله جل ثناؤه توعد هؤلاء المجرمين على تكذيبهم بالقدر مع كفرهم به، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، ثم ساق الأحاديث الواردة في ذلك، وقد اختصر ابن محمود كلام ابن جرير ليوهم أنه موافق لقوله في القدر.
وقال الرازي في تفسيره: أكثر المفسرين اتفقوا على أنها نازلة في القدرية. انتهى.
وقال الزجاج: معنى (بقدر) أي كل شيء خلقناه بقدر مكتوب في اللوح المحفوظ قبل وقوعه، ذكره ابن الجوزي في تفسيره.
وقال البغوي في تفسيره قوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} أي ما خلقناه فمقدور ومكتوب في اللوح المحفوظ. انتهى.