اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 55
والجِفانُ. والأَدَمَةُ: باطنُ الجِلْدِ، والبَشَرةُ: ظاهرُه؛ يقال: "رجلٌ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ" [1]، أي قد جَمَعَ بين لين الأديم وخُشونَةِ البشرة.
وقوله: و"يمضغون لحمها": أي يأكلون بالغِيبَة والعَيْبِ؛ من قوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} [2]، و"المَضْغُ": إدارةُ الطعام في الفم، يقال: مَضَغَ يَمْضُغُ، بالضمّ والفتح؛ فالضمُّ على الأصل، والفتحُ لمكان حرف الحَلق، إلّا أنّ الضمّ هو الأصلُ، وأجوَدُ ها هنا لقُرْب الغين من الفم.
والمَثَلُ السائرُ "الشَّعِير يُؤكَلُ ويُذَمّ": يُضْرَب هذا المثل لكلِّ من يُنتفَع به ويجازَى بالقبيح؛ وذلك أن الشعير يُؤْكَل، فيُسمِّن ويُغْنِي عن جُوعٍ، وهو مذمومٌ.
...
وقوله: "ويدَّعون الاستغناء عنها وأنهم ليسوا في شِقٍّ منها": "يدَّعون" يَزْعَمون، وهو "يفتعلون" من "الدَّعْوى"، ومنه قول امرئ القيس [من المتقارب]:
16 - لا يَدَّعِي القَوْمُ أنّي أَفِرْ (3)
و"الشقُّ ": الناحية والجانب، والمعنى أنّهم يتبّرؤون منها ويدّعون الاستغناء عنها.
...
قال: "فإن صحَّ ذلك، فما بالُهم لا يُطلِّقون اللغة رأسًا والإعرابَ، ولا يقطعون بينهما وبينهم الأسبابَ". "فما بالُهم": فما حالُهم؛ وأصلُ "الطلاق" الإرسالُ والتخليةُ، يقال: ناقةٌ طالقٌ، ونَعْجَةٌ طالقٌ، إذا كانت مُرْسَلة ترعى حيث شاءت، ويقال: طلّقتُ المرأة تطليقًا، وطَلَقتْ هي طلاقًا، ولا يقال: طلُقتْ بالضمّ. و"اللغة": عبارةٌ عن العلم بالكَلِم المفردة، و"الإعراب": عبارةٌ عن اختلاف أواخرها لإبانة معانيها.
وقوله: "لا يقطعون بينهما": أي بين اللغة والإعراب، و"بينهم": أي بين هؤلاء القوم، أي الشُّعُوبية. و"الأسباب": الوُصُلات، واحدُها سَبَبٌ، مثل قَلَم وأَقْلَام؛ وأصولُ "السبب": الحَبْلُ الذي يُشَدُّ به الشيء، ثمّ يجعل كلُّ ما جَرَّ شيئًا سَبَبًا له.
... [1] ورد هذا القول في لسان العرب 4/ 60 (بشر)، 12/ 10 (أدم). [2] الحجرات: 12.
(3) عجز بيت لامرىء القيس، وتمامه:
لا وأبيكِ ابنَةَ العامِرِي م ... لا يدَّعي القومُ أَنِّي أَفِرْ
والبيت في ديوانه ص 154؛ وخزانة الأدب 1/ 374، 11/ 221، 222؛ وشرح شواهد المغني 2/ 635؛ والشعر والشعراء 1/ 128؛ والصاحبي في فقه اللغة ص 246؛ والمقاصد النحوية 1/ 96.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 55