اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 54
و"يدفعون خصلها": "الخَصْلُ": الغَلْبُ في النضال والسِّباق، يقال: تَخَاصَلَ القَوْمُ، إذا تَراهَنوا في الرَّمْي؛ وأحْرَزَ فلانٌ خَصْلَه، إذا غلب.
وقوله: "ويذهبون عن توقيرها وتعظيمها": أي يُعْرِضون عن ذَيْنِكَ من أمرها، يقال: ذهبت إليه، إذا قصدته؛ وذهبت عنه إذا أعرضت عنه، والتوقير والتعظيم واحدٌ؛ قال الله تعالى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [1]: أي عَظَمَةً؛ وحسُن عطفُ أحدهما على الآخر لاختلاف لفظيهما؛ ومثله قوله تعالى: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا} [2]، والوَهْنُ والضُّعْفُ واحدٌ، ومثلُه قول الشاعر [من الطويل]:
14 - أَلا حَبَّذَا هِنْدٌ وأَرْضٌ بها هِنْدُ ... وهندٌ أَتَى مِن دُونِها النَّأْيُ والبُعْدُ (3)
والنَّأْيُ والبُعْدُ واحدٌ، ومثله [من الوافر]:
15 - وأَلْفَى قَوْلَهَا كَذِبًا ومَيْنا (4)
والكذِبُ والمَيْنُ واحدٌ.
وقوله: "وينهون عن تعلُّمها وتعليمها": التعلُّم: مصدرُ تَعَلَّمَ، والتعليمُ مصدرُ "علَّمَ"، والتكريرُ فيه للتعدية, لأنّه بمعنى المَعْرِفَةِ، و"تعلَّم": مطاوع "علَّم"، يقال: علَّمْتُه فتعَلَّم.
وقوله: "ويمزِّقون أديمها": التمزيقُ: التخريقُ، يقال: مزقتُ الثوبَ أَمْزِقُه مَزْقًا، ومزّقته تمزيقًا؛ إذا كثُر ذلك منه، والأدِيمُ: الجِلْدُ، وجمعُه: أَدَمٌ؛ كـ"أَفِيق وأَفَق"، والَأفِيقُ: الجِلْدُ قبل دِباغَته، وهذا النوعُ من الجمع اسمُ جِنْسٍ، وليس بتكسير، ألا ترى أنّك تُذكِّره فتقول: هو الأَدَمُ والأَفَقُ؛ ولو كان تكسيرًا لكان مؤنَّثّا؛ كما تقول: هي الثيابُ [1] نوح:13. [2] آل عمران: 146.
(3) البيت للحطيئة في ديوانه ص 39؛ والدرر 5/ 221؛ ولسان العرب 3/ 223 (سند)؛ 15/ 300 (نأي)؛ وبلا نسبة في الصاحبي ص 97؛ ولسان العرب 4/ 123 (جدر)؛ وهمع الهوامع 2/ 88.
والشاهد فيه قوله: "النأيُ والبعدُ" حيث عطف الشاعر "البعد" على "النأي"، وهما بمعنى واحد، والذي سوَّغَ العطف اختلاف اللَّفظين.
(4) هذا عجز بيت، وصدره:
*وقدَّدتِ الأديمَ لراهِشَيْهِ*
وهو لعدي بن زيد في ذيل ديوانه ص 183؛ والأشباه والنظائر 3/ 213؛ وجمهرة اللغة ص 993؛ والدرر 6/ 73؛ وشرح شواهد المغني 2/ 776؛ والشعر والشعراء1/ 233؛ ولسان العرب 13/ 425 (مين)؛ ومعاهد التنصيص 1/ 310؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 129.
والشاهد فيه قوله: "كذبا ومينا" حيث عطف الشاعر "مينا" على "كذبا"، وهما بمعنى واحد، والذي سوَّغَ هذا العطف اختلافُ اللفظين.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 54