اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 178
فإن سُمّي رجلٌ بـ "مَثْنَى"، و"ثُلاث"، و"رُباع" ونظائِرها، انصرف في المعرفة؛ فتقول فيه: "هذا مَثْنى وثُلَاثٌ" بالتنوين, لأنّ الصفة بالتسمية قد زالت؛ وزال العدلُ أيضًا لزَوالِ معنى العدد بالتسمية، وحَدَثَ فيه سببٌ آخر غيرُهما، وهو التعريف، فانصرف لبَقائه على سبب واحد. فإن نكّرته بعد التسمية لم ينصرف، على قياسِ قول سيبويه: لأنّه أشبه حالَه قبل النقل. وينصرف على قياسِ قول أبي الحسن؛ لخُلُوّه من سببٍ ألبتة.
وحُكي أن ابن كَيْسان قال: قال أهلُ الكوفة: "مَثْنَى"، و"مَوْحَدُ"، بمنزلة "عُمَرَ"، وإن هذا الاسم معرفةٌ، فإذا سمّيت به رجلاً لم ينصرف، كما لم ينصرف، "عمر" اسمُ رجل. ولسائرِ المعدولة فصولٌ يأتي الكلامُ عليها هناك مفصَّلًا، إن شاءَ الله تعالى.
وأمّا الجمع المانع من الصرف، فهو كلُّ جمع يكون ثالثُه ألفًا وبعدها حرفان أو ثلاثةُ أحرف أوْسَطُها ساكنٌ، كـ "دَوَابَّ"، و"مَخَادَّ"، و"مَساجِدَ"، و"مَنابِرَ"، و"دَنانِيرَ"، و"مَفَاتِيحَ". فكلُّ ما كان هذا النوع، فإنّه لا ينصرف نكرةً ولا معرفة. قال الله تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [1]. وقال الله تعالى: {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ} [2]. وقال تعالى: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} [3]. فهذا الجمع، وما كان مثله ممّا فيه شَبَهٌ بالتصغير؛ ووجهُ الشبه بينهما أنّ ثالِثَه حرفٌ لين زائدٌ، وبعد الثالث مكسورٌ، كما أنّه في التصغير كذلك، فـ "دَراهِمُ" في الجمع كـ "دُرَيْهِم"، و"دَنَانِيرُ" كـ "دُنَيْنِيرٍ"، ليس بينهما فرقٌ إلا ضَمُّ أوّل الاسم المصغّر، وفتحُ أوّلِ هذا الجمع. وهو غيرُ مصروف، والذي منعه من الصرف كونُه جمعًا لا نظير له في الآحاد، فصار بعدمِ النظير كأنّه جُمع مرّتَيْن؛ وذلك أن كل جمع له نظيرٌ من الواحد، فحكمُه [4] في التكسير والصرف كحكم نظيره. فـ "كِلابٌ" منصرفٌ في النكرة والمعرفةِ, لأنّ نظيرَه في الواحد "كتابٌ"، و"إتان" كذلك، فلو كان "كِلابٌ" ممّا يُجْمَع، لكان قياسُ جَمْعه "كُلُبٌ"، على حدّ "كِتابٍ"، و"كُتُبٍ". وكذلك باقي الجموع.
وهذا الجمعُ، أعني "مساجد"، و"دراهم" لما كان الجمعَ الذي ينتهي إليه الجموعُ،
= الفاعل، والتاء: محلها الرفع. "فَوْق": مفعول فيه ظرف مكان متعلّق بالفعل "رميت". "الرجال": مضاف إليه مجرور بالكسرة "خِصالًا": مفعول به للفعل "رميت"."عشارًا": صفة لـ"خصالًا" وصفة المنصوب منصوبة مثله.
جملة "يستريثِوك": بحسب الواو. وجملة "رميت": استئنافية لا محل لها.
والشاهد فيه أن "عُشار" المعدول عن "عَشرة" قد جاء في قول الكميت هذا. [1] الحج: 36. [2] الحج:40. [3] سبأ:13. [4] في الطبعتين: "وحكمه"، والتصحيح عن جدول التصحيحات الملحق بطبعة ليبزغ ص 904.
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 178